صور القس العاري

TT

انها من اكثر القصص غرابة ولا شك، اعني بها واقعة اقدام صحيفة شعبية على نشر صور قالت انها لقس في وضع جنسي فاضح. ومن يطالع نسخة من عدد الازمة يكاد لا يصدق ما تشاهده عيناه ان هذه صحيفة تصدر في اي مكان في العالم العربي، مهما كان توجهها، تتعمد نشر مثل هذه الصور، وتكحلها بمقال لا يقل اساءة، اصاب الطائفة القبطية بسبب خطيئة ارتكبها شخص واحد! حادثة غريبة لاننا اعتدنا على ان تثير المقالات او الاخبار الجدل وكنا دائما نقول انها مسألة حرية تعبير ووجهة نظر. لكن كيف تستطيع ان تقول عن صور واضحة وفاضحة انها وجهة نظر؟! هنا النظر واضح والمشكلة لا تحتمل تفاسير عديدة. لم تكن صور غرفة نوم وشخص واحد، مع انها عمليا كذلك، بل كشفت اشكال العلاقات واثارت ازمة كبيرة بين افراد الطائفة القبطية التي اعتبرتها مساسا بكنيستها ومحاولة تشويه صورتها.

كشفت تلك الصور عورات المجتمع كله لا عورة قس قيل انه مفصول اساسا من الكنيسة. كشفت عن هشاشة العلاقة التي لا تحتمل المزاح. مثل هذه التعديات التي تمس تركيبة المجتمع وسلامته، من الخطورة ان تترك مفتوحة لانها تتحول الى حرب مفتوحة، وما المظاهرات العنيفة التي اعقبت نشر صحيفة «النبأ» تلك الصور الا ردة فعل طبيعية. فهي عممت فعلة واحدة على كل المجتمع القبطي وتحديدا الكنيسة القبطية، او هكذا فهمها اتباعها وهم بالملايين.

وربما كانت القصة لا يحفل بها احد لو انها نشرت في مناخ اقل تشككا وتوجسا، لكنها نشرت في فترة في غاية الحساسية. فقد امضى المصريون عشر سنوات من اجل اصلاح العلاقة مع بعض الاقباط الذين حركهم تطوران سلبيان. فمن جانب استهدف متطرفون اسلاميون معابدهم ومتاجرهم ووقعت عدة اشتباكات بينهم في القرى، وهم الذين اعتادوا على العيش المشترك لقرون طويلة، مما سبب توترا خطيرا بين بعض اتباع اهل الديانتين. ومن جانب آخر عمل متطرفون ومنشقون اقباط على اثارة السلطات الاميركية وتحريك مؤسسات اميركية نافذة ضد بلدهم بدعوى التفرقة والتمييز. واستغلت اسرائيل وكذلك الكنائس المسيحية المتطرفة هذه الدعاوى لاحراج الحكومة المصرية ومحاولة محاصرتها. وبعد عمل امني وسياسي مكثف حدثت انفراجات مهمة في الفترة الاخيرة انجزها اهل الحكم وقادة الكنيسة القبطية، حتى ظهرت صحيفة «النبأ» بصفحتين من الصور والكلام الفاضح ضد قس قبطي.

وكلام البابا شنودة، رأس الكنيسة، عبر التلفزيون المصري، يعبر عن حجم الهفوة التي ارتكبتها الصحيفة. قال «كم من الجهود تبذل في البلد لتأكيد الوحدة الوطنية وتعميقها وبث روح المحبة بين الناس مهما اختلفت دياناتهم، ثم يقوم شخص بنشر مقالة او صور فيهدم كل ما نبنيه؟!».

فحساب الحرية ضمن قياس العلاقات الاجتماعية وضمن اعتبار الخصوصيات الكبيرة المحلية دينية وطائفية وقبلية، مسألة لا يمكن التضحية بها تحت اي مسمى.