الهدف عرفات

TT

لم تكن اشاعة ولا حربا نفسية، كما كنا نظن في البداية، عندما دفع رئيس وزراء اسرائيل أرييل شارون بقواته لتدمير الاجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية، واعلانها صريحة ان الهدف المقبل هو الرئيس ياسر عرفات نفسه.

في رحلته الحالية حرص شارون على تركيز الهجوم على عرفات وليس حماس او الجهاد الاسلامي او غيرهما من التنظيمات الفلسطينية المسؤولة عن عمليات قتل الاسرائيليين الاخيرة. شارون بكل وضوح يريد ان يدخل التاريخ مرة ثانية من خلال اقصاء عرفات بعد ان ابعده من بيروت في عام 1982 الى تونس. وهو يلمح الى اكثر من ذلك الى القضاء على رئيس السلطة الفلسطينية الذي قال ان غيابه لن يهدد الامن ولن يزيد الامر سوءا لو تولى مكانه زعماء فلسطينيون «اكثر تطرفا»، لهذا يشير الى ان عرفات يتعمد الغياب عن غزة في رحلات عديدة عندما تشتد الازمات والمواجهات مدللا على انه وراء ما يحدث.

وفي تصور الاغلبية، بخلاف ما يروج له شارون، ان بقاء عرفات هو خير من المغامرة بصعود غيره، كونه الزعيم الفلسطيني الوحيد القادر على قيادة شعبه نحو السلام متى ما بدرت الفرصة وصاحبها مناخ سياسي يدعمها. لكن شارون يقود حملة كبيرة اليوم مؤكدا على ان الفلسطينيين، واسرائيل بالطبع، ستكون بألف خير بدون عرفات، وهو، اي رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي، يطالع في عيون الدول الكبرى راغبا في لمح اي تفهم لمشروعه الجديد، تغيير القيادة الفلسطينية.

ولم يظهر احد يشاركه هذا الرأي في صف القيادات الدولية، ولا حتى من بين زعماء اسرائيل، وان كان هذا ليس سببا كافيا لايقاف شارون متى ما واتته الفرصة، كعملية اخرى ضد مواطنيه، لشن حرب مدمرة تطال القيادة الفلسطينية.

ولا شك ان امورا سيئة عديدة حدثت منذ تولي شارون السلطة. ولم يكن هذا بالمستغرب، رغم تصور بعض الفلسطينيين انه قد يكون بيغن آخر، وما زالوا متمسكين بمقولة ان حزب العمل يصنع الحرب وحزب الليكود يصنع السلام. وهو تصور اضر كثيرا بمشروع التفاوض واعاد الفلسطينيين خطوات عديدة الى الوراء. ويكفي ان نقارن بين بداية العام الحالي ومنتصفه، بين بيريس وشارون، بين فترة كانت اسرائيل تطلب من الفلسطينيين وقف العنف الى وقتنا اليوم الذي نطلب فيه من الاسرائيليين وقف الحرب، بين مفاوضات رفضنا اعادة 98 في المائة من الارض فيها الى مفاوضات قبلنا فيها ورقة ميتشل الصغيرة جدا! الفارق كبير للغاية وقد اتسع سلبا في خلال اقل من ستة اشهر وعلينا ان نتحمل مسؤولية ما حدث، رغم محاولات بعضنا انكار التاريخ القريب جدا.