أقول قولي هذا!

TT

مصر تحتفل بمرور مائة وخمسين عاما على انشاء اول خط سكة حديدية! أليست هذه مناسبة لفتح سرادق للعزاء بدلا من اقامة احتفال؟ أليست مناسبة مرور مائة وخمسين عاما على انشاء خط القاهرة ـ الاسكندرية والذي كان ثاني سكة حديد في العالم بعد لندن، هي مناسبة لفتح ملف التراجع والتردي في حياتنا العربية.

مصر التي اقرضت بريطانيا العظمى خمسين مليون جنيه مصري عندما كان الجنيه المصري اعلى من الجنيه الاسترليني في السوق العالمية، ومصر التي انشأت ثاني محطة سكة حديد في العالم، أليست هي مصر نفسها التي يضطر اهلها الى «التشعبط» في الباصات، والى ركوب قطارات قديمة، أليس في ذلك مفارقة كبيرة، وهل تم ذلك بالصدفة ام بفعل فاعل، فان رفع شعارات الحرية والاشتراكية والوحدة، افقر الناس، وزاد في تشرذم الامة.

ولماذا مصر؟ ماذا بشأن الآخرين؟ الم يكن العراق بلد التعددية السياسية حين يذهب رئيس الوزراء الى المحكمة بتهمة تتعلق بآلاف من الدنانير، وتقوم دنيا الاحزاب المعارضة ولا تقعد منتقدة رئيس الوزراء، مطالبة بالاصلاح، أليس هو العراق الذي يصدر الرز العنبر، وهو افخر انواع الرز في العالم، وكان سلة غذاء لجيرانه، أليس هو العراق الذي يجوع شعبه، ويتشتت في قارات الدنيا، ويساق الى حرب تلد اخرى، وتتدهور عاصمة الرشيد، عاصمة العرب والمسلمين العظيمة؟

وماذا بشأن الآخرين، اليمن الذي كان يزرع افخر انواع القهوة، وعليك ان تنظر في اي قائمة مشروبات في مقهى محترم في اي عاصمة عالمية لتجد «قهوة المخا» تتصدر افخر انواع القهوة، أليس هو نفس اليمن الذي نزع اشجار القهوة ليزرع بدلها تلك النبتة الشيطانية التي اسمها القات.

وماذا بشأن الآخرين، ثورة المليون شهيد التي كان هدفها التحرر من الاستعمار اصبحت بلدا يذبح فيها الناس بالسكاكين، ويقتل فيها الناس على اساس مناطقي وعرقي.

الحديث طويل، وذو شجون ولا يتعلق بهذه العاصمة او تلك.

اقول قولي هذا ويشهد الله انني احب مصر والمصريين، ولم يؤثر غزو صدام للكويت على قناعتي بالرباط الانساني بشعب العراق، وتربطني علاقة لا تنتهي باليمنيين، وأخاف على اخوتي الجزائريين، ولكنها الحقيقة التي يجب ان تقال لا بهدف جلد ذواتنا، بل من اجل ان نتقدم خطوة الى الامام!