نفاق شارون

TT

لا يوجد نفاق اكثر من دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ايطاليا في مستهل زيارته لها امس الى «مساعدة اسرائيل في التدخل لدى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حتى يوقف الارهاب والعنف». فبعد لحظات من اطلاق دعوته هذه كانت الدبابات والصواريخ الاسرائيلية تقصف نابلس وخان يونس فقتلت واصابت عددا من رجال الشرطة الفلسطينية والمدنيين.

ان الطرف الذي يتعين عليه ان يوقف العنف، ليس الفلسطينيين الذين يواجهون الموت والقذائف التي تنهال على رؤوسهم كل يوم، بل قوة الاحتلال التي تستخدم كل ما لديها من اسلحة في ترسانتها، سواء كانت طائرات او دبابات ضد شعب اعزل ومدنا يسكنها مدنيون، بينما يمارس المستوطنون، الذين هم رأس حربة لابتلاع الاراضي الفلسطينية وفرض سياسة التطهير العرقي، مختلف انواع الاستفزاز ضد اصحاب الارض بحماية الجيش الاسرائيلي.

ان للفلسطينيين كل الحق في مقاومة احتلال اراضيهم واجبارهم على الرحيل وعلى القوات الاسرائيلية ـ وهي في عرف كل العالم قوة احتلال ـ ان تخرج من الاراضي الفلسطينية اذا كان الاسرائيليون راغبين حقا في السلام والتعايش.

وشارون عندما يحاول القاء مسؤولية العنف على عرفات يبدو كمن يحدث نفسه ويحاول ان يصدق ان بامكانه تضليل العالم بشأن الضحية والجلاد، بينما الحقيقة واضحة وضوح الشمس. ان ممارسات اسرائيل ليس لها مثيل في التاريخ الحديث الا في ايام نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، او مذابح التطهير العرقي التي جرت في رواندا.

وعلى رئيس الوزراء الاسرائيلي ان يسأل نفسه، هل هناك دولة واحدة محترمة في العالم تقبل على نفسها ان تصدر الاوامر لجيشها بهدم منازل سكان وتشريدهم كما جرى في الايام الماضية في رفح، وهل هناك حكومة واحدة محترمة في العالم تجاهر بتنفيذ سلسلة اغتيالات مهما كانت خصومتها مع اخرين، مثلما تفعل اسرائيل من دون حياء؟

لا احد يستطيع لوم الفلسطينيين في رد فعلهم على هذه الممارسات الهمجية، فقد وصلوا الى وضع اصبح فيه ظهرهم الى الحائط مع استمرار سياسة القصف والحصار. والمخرج الوحيد لحالة العنف هذه هو ان توقف اسرائيل هذه الاعمال العدوانية لعل النفوس تهدأ ويمكن بعدها الحوار سياسيا حول طريق اخر.

هذه هي الرسالة التي يجب ان يسمعها شارون في ايطاليا، وفي كل الدول التي يزورها. يجب وقف العنف الاسرائيلي اولا، والتوقف عن محاولة الضحك على العالم.