اندفاع إسرائيلي محتمل

TT

الغائب الأكبر في تطورات الصراع العربي الاسرائيلي الاخيرة هو الموقف الرسمي العربي، والجميع يعرف حق المعرفة انه اذا تدهورت الاوضاع اكثر مما هي عليه، فان النار ستصيب الجميع، وربما تدفع حكومة مجنونة مثل حكومة شارون كل منطقة الشرق الاوسط الى تطورات وتداعيات سياسية وعسكرية غير محسوبة.

التحرك الرسمي العربي باتجاه تحسين الموقف الاميركي، باستثناء رسالة قيمية بعث بها عرفات الى الرئيس بوش ووزير خارجيته، هو تحرك يثير القلق لدى كل مراقب لاوضاع المنطقة، والتحرك لتقوية الموقف الاوروبي وخاصة في مسألة ارسال مراقبين دوليين للأراضي المحتلة هو تحرك خجول وفردي دون تنسيق، ودون لغة موحدة.

يخطئ كثير من العرب وخاصة جيران اسرايئل وجيران الأراضي المحتلة اذا اعتقدوا ان سقف السيد شارون سيقف عند حدود قصف مدن وقرى، وقتل ناشطين، وسيفاجأ بعضهم ـ وهذا ما لا نتمناه ـ بأنهم اصبحوا معنيين بشكل مباشر بما سيحدث من تطورات. فالجنون لا حد له، والتعامل مع الجنون بشكل عقلاني هو في حد ذاته جنون مع سبق الاصرار، ولذلك قال العرب حدث العاقل بما لا يعقل، فان صدقك فلا عقل له.

بعض العرب سعيد بترديد عبارة انه ليس على استعداد للحرب مع اسرائيل، وبعضهم صدق بأن سيناريو الحرب غير ممكن وغير قائم، وبعضهم ومن خلال رسائل تصل من الاسرائيليين بشكل مباشر، او عبر طرق اخرى يرى بأن سيناريو الحرب الشاملة بعيد المنال، لكن تطورات الايام الاخيرة تعيد الى الاذهاب عادة شرق أوسطية قديمة، ملخصها انه كلما تأزم وضع داخلي في دولة شرق اوسطية تحركت الى خارج الحدود لتغطية ازماتها الداخلية، ولا نعتقد ان احداً يعيش هذا التأزم والانتفاخ السياسي كما تعيشه اسرائيل، ولذلك فان سيناريو ترحيل وتصدير الازمة الى الداخل هو احد اهم السيناريوهات الواقعية.

الموقف الرسمي العربي يعيش شللاً حقيقياً، على المستوى القطري وعلى مستوى جامعة الدول العربية وعلى مستوى العلاقات العربية الدولية، وهو امر ربما يشجع الاسرائيليين على الاستمرار في سياسة الأرض المحروقة، وهدم المعبد على من فيه. والمطلوب حد ادنى من التنسيق العربي لاحداث تغيير في الموقف الدولي، لأن بديل ذلك ربما يكون اندفاعاً اسرائيلياً مجنوناً يدفع الجميع ثمنه.