لحظة الحقيقة في بلغراد

TT

بعدما حاول الحزب الديموقراطي الصربي الذي يقوده الرئيس فيوسلاف كوشتونيتسا ان يجد لنفسه مكانة في مركز السياسة الصربية، انسحب من التحالف الحاكم في بلغراد الذي يضم 18 حزبا.

وكان التوتر قد تصاعد بين كوشتونيتسا ورئيس وزراء صربيا زوران جينجيتش منذ قرر الاخير في اوائل العام الحالي القبض على الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش وتسليمه الى المحاكمة في لاهاي. وقد اصطدم الرجلان مرة اخرى بخصوص عملية الاغتيال الغامضة للرئيس السابق للجهاز الامني الصربي الذي قتل بعد ساعات قليلة من ترك مكتب كوشتونيتسا.

الا ان الازمة السياسية الحالية، لا ترجع فقط الى المنافسة بين كوشتونيتسا وجينجيتش، فكل منهما يتبنى برنامجا سياسيا مختلفا.

فكوشتونيتسا لا يزال يأمل في تجنب انهيار يوغوسلافيا، عن طريق منع جمهورية الجبل الاسود من الانسحاب من الاتحاد. كما انه متردد في ملاحقة مجرمي الحرب الصرب الذين تسعى محكمة لاهاي لمحاكمتهم. وبالرغم من انه كان معارضا قوىا للنظام الشيوعي لاكثر من عشرين سنة فإن كوشتونيتسا لا يزال يحاول الحفاظ على المبادئ القومية والبنية البيروقراطية لهذا النظام الذي فقد مصداقيته باسم القومية الصربية.

بينما يبدو جينجيتش، مستعدا للابتعاد التام عن الشوفينية الصربية والاسراع بانضمام بلاده الى النظام الاوروبي. فقد اظهر شجاعة سياسية بإصدار اوامر بالقبض على ميلوشيفيتش. ويتردد انه على استعداد لاصدار الاوامر بالقبض على غيره من مجرمي الحرب الصرب، بمن فيهم عدد كبير من القيادات العسكرية.

وتجدر الاشارة الى ان قرار حزب كوشتونيتسا بالانسحاب يحرم حكومة جينجيتش من الاغلبية ويضع باقي عصابة ميلوشيفيتش، ومقاعدهم المتبقية في البرلمان، في موقف الحكم. وهو الامر السيئ بالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون في اقدام صربيا على برنامج اصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي.

وتشير كل الدلائل الى وجود اغلبية مؤكدة لمثل هذا البرنامج في البلاد.

والطريق الوحيد للتأكد مما اذا كان هذا الامر صادقا ام لا، هو تنظيم انتخابات والسماح للناخبين الصرب بالاختيار بين سياسة الخطوة خطوة التي يتبعها كوشتونيتسا للاصلاح وبين سياسة جينجيتش بالتحول الراديكالي. مثل هذه الانتخابات يمكن ان تؤدي الى خلفية سياسية جديدة في صربيا، سياسة من المرجح ان تؤدي الى خروج العصبة الشيوعية القومية القديمة من النظام.