روسيا.. وحائط بغداد

TT

الدبلوماسي الروسي المحترف نيكولاي كوريكزوف يزور منطقة الخليج في اطار مبادرة روسية جديدة تحت عنوان «تسوية الوضع بالجملة» بالنسبة للعراق. والمبادرة تحمل عناوين عديدة من بينها رفع الحصار الكامل عن العراق، مع موافقة عراقية على عودة المفتشين لأجل محدد، وتطبيع العلاقات بين العراق وجيرانه وتحديدا السعودية والكويت.

المبادرة الروسية في رأينا لن تتقدم خطوة واحدة لانها تبدو مثل طبيب محترف يعرف ان المريض مصاب بذبحة صدرية، ولكنه يحاول علاجه من الانفلونزا.

مشكلة العراق هي مشكلة عراقية. وأزمة العراق اذا اراد السفير الروسي ان يحلها ليست موجودة في الرياض او الكويت او حتى واشنطن او مجلس الامن. مشكلة العراق هي في العراق. في طبيعة تفكير حكامه. في قناعتهم بان الوضع الحالي للعراق في ظل الحصار وفي ظل المتاجرة بالانتفاضة، وفي ظل التحرش بطائرات التحالف وفي ظل عزلة العراق، هو افضل وضع لنظام بمواصفات حكام بغداد.

في وقت يقوم فيه السفير الروسي بجولته تعلن بغداد «شروطها» لاقامة علاقات طبيعية مع السعودية والكويت، والعراق لم يعتذر عن جريمته، ولم يعترف اصلا بان هناك جريمة، والعراق يحتفل بانتصاره في «ام المعارك» ويستخدم اعلامه بطريقة بذيئة ضد السعودية والكويت، مع ذلك تبدو شروط بغداد وكأن عقارب الساعة قد عادت الى الوراء، وكأن السعودية والكويت جيشتا جيوشهما وقامتا بغزو العراق وتدميره، وليس العكس.

لو ان دولة بحجم روسيا، وبعلاقتها الخاصة بالعراق تتفرغ لاقناع النظام العراقي وليس اقناع الآخرين بان تغييرا جوهريا واساسيا في الموقف العراقي لا بد ان يحدث، ولا بد من مبادرة عراقية تأخذ بالاعتبار ان العراق هو المعتدي، وان الاخرين ضحايا لهذا الاعتداء، وبأن هناك قضايا معلقة لا بد ان يبادر العراق الى انهائها، وخاصة قضية الاسرى الكويتيين، وقضية التصرف بشكل يحترم القانون الاقليمي والدولي، وان يمارس النظام العراقي تطبيعا للعلاقات مع اهله العراقيين وجيرانه والمجتمع الدولي بدلا من سياسة العناد والمكابرة.

فاقد الشيء لا يعطيه، والوضع الحالي للنظام العراقي هو الوضع النموذجي والمثالي له، والحصار هو الدجاجة التي تبيض ذهبا للنظام، واستمرار الوضع الحالي هو ما يريده النظام وما يعمل على استمراره، وروسيا ستصطدم بحائط العناد كما حدث مع الآخرين. نقولها مع الاسف.