الطريق إلى برلين

TT

عندما شرع في زيارته العاصفة الى الشرق الأوسط، كان وزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، حريصا على عدم اثارة توقعات بأن زيارته ستحقق اهدافا كبرى. وقد همس في آذان كل من يستطيع ان يسمع، انه ذاهب الى هناك ليستمع ويتفهم.

اما بعد الزيارة، فيبدو ان زعيم الحزب اليساري الألماني، المسمى بحزب الخضر، قد تمكن من اقناع الاسرائيليين والفلسطينيين على السواء، بالشروع في مفاوضات جديدة، هذه المرة في برلين.

واذا سارت الامور وفق التصورات والخطط، فان ياسر عرفات وشيمعون بيريس سيلتقيان بالعاصمة الألمانية في غضون الايام القليلة المقبلة، للبحث عن الوسائل والسبل لوضع حد لدورة العنف الحالية.

وتجيء المبادرة الألمانية، المدعومة دعما خجولا من قبل الاتحاد الاوروبي، في وقت خلقت فيه ادارة بوش فراغا سياسيا خطيرا بسياستها القائمة على الانتظار السلبي والمراقبة من بعيد. ويعتقد وزير الخارجية الاميركي كولن باول، وما يزال، ان الهدوء سيسود بمرور الزمن بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وان اي تدخل اميركي في هذه المرحلة سيدفع الجانبين الى التشدد في مواقفهما.

ولكن الحقيقة هي ان الطرفين يحتاجان الى طرف ثالث يفصل بينهما، على الأقل مؤقتا، حتى يجد كل منهما الفرصة لتأمل خياراته بهدوء.

هل تستطيع ألمانيا ان تلعب الدور الذي تخلت عنه الولايات المتحدة، ولو بصورة مؤقتة؟

المستقبل وحده يمكن ان يجيب عن هذا السؤال. والمهم حاليا هو ادخال بعض الأمل على وضع كاد يصبح ميؤوسا منه.

الاعلان عن ان عرفات سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد، سيقوي، دون ريب، موقف الفلسطينيين في محادثات برلين. واذا عقدت هذه المحادثات فانها يجب ألا تقتصر على مجرد آليات لوقف اطلاق النار، بل يجب ارسال اشارات قوية، من منبر هذه المحادثات، عن ان الطرفين راغبان في معالجة جوهر النزاع، وهو التطلع الفلسطيني لاقامة دولة مستقلة. الوعود الغامضة حول عقد محادثات في المستقبل، التي غالبا ما تصحبها تهديدات من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، لن تؤدي الى تهدئة الموقف. فالسلام لا يمكن ان يأتي إلا اذا اعطي الفلسطينيون وعدا صريحا بأن الاحتلال الاسرائيلي الطويل، الذي بلغ 34 سنة، سينتهي من دون ابطاء.