عبقرية إدوارد سعيد مطلوبة للتصدي للعنصريين وللدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني

TT

تشن وسائل الاعلام الاسرائيلية حملة مكثفة ضد الرئيس ياسر عرفات شخصيا وضد السلطة الوطنية الفلسطينية، وتقوم اسرائيل بدفع اموال طائلة لثلاث شركات امريكية كبرى متخصصة في الاعلام والعلاقات العامة لترويج ذلك، وحسب الاتفاق الذي وقعه سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة والقنصل الاسرائيلي العام في نيويورك مع هذه الشركات فان جزءا أساسيا من عملها هو وضع برنامج مع شبكات التلفزيون لاجراء مقابلات مع مسؤولين في اسرائيل وبرنامج لكتابة افتتاحيات في الصحف الواسعة الانتشار في الولايات المتحدة لتحطيم صورة الفلسطينيين وسلطتهم ورئيسهم ياسر عرفات. ولمس الامريكيون كثافة هذه الحملة وتركيزها من ضحية الاحتلال الاسرائيلي الى شعب ارهابيين وكذلك سلطة الفلسطينيين ورئيسهم.

وتقوم هذه الشركات بترتيب لقاءات تلفزيونية ومقابلات صحافية للقيادات الاسرائيلية العسكرية والمدنية لبث هذه الدعاية الخادعة والمغرضة.

فقد قامت هذه الشركات بترتيب برنامج للجنرال شاؤول موفاز الذي قال ان السلطة تحولت الى سلطة ارهابية وان ياسر عرفات لجأ للارهاب منذ بداية الانتفاضة، بالطبع هذه التعابير الاسرائيلية هي تلك التي يطلقونها على مقاومة الاحتلال وعمليات الدفاع عن النفس التي يمارسها الفلسطينيون بقيادة ياسر عرفات.

وفي مقابلته مع شبكة فوكس كرر شارون نفس الاتهامات الموجهة للرئيس ياسر عرفات والسلطة وحركة فتح، وقال ان ياسر عرفات ارهابي يحلم بتحقيق مكاسب سياسية من خلال شن الارهاب على الاسرائيليين.

ورتب لوزراء شارون ـ ليبرمان وزئيفي ولوزير الدفاع بنيامين بن اليعازر مقابلات لكيل الاتهامات ذاتها بسبب قيادة ياسر عرفات لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي وقيامه بالتعبئة العامة للدفاع عن النفس في وجه العدوان الاسرائيلي المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني. وتمادت هذه الاجهزة الى ان وصلت الى حد المطالبة بتصفية الشعب الفلسطيني وسحقه عبر افتتاحيات نشرت في صحيفة الواشنطن بوست مؤخرا.

واعتبر الاسرائىليون ان ياسر عرفات ليس شريكا مناسبا في عملية السلام بسبب قيادته لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي. اذ انهم يعتبرون الذي يستسلم لمطالبهم هو الشريك المناسب، بينما الرئيس ياسر عرفات يتمسسك بحق شعبه الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 بما فيها القدس الشرقية استنادا لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار مجلس الامن 242.

وتقوم الاوساط الغربية المنحازة انحيازا مجحفا لاسرائيل باتهام الرئيس ياسر عرفات بأنه وراء تصعيد العنف وتطالبه بوقفة، بينما الواقع يشير الى ان جيش الاحتلال الاسرائيلي هو الذي يشن عدوانه العسكري ضد الشعب الفلسطيني. ان ما يقوم به الرئيس ياسر عرفات هو قيادة الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال وهو حق مشروع لأي شعب يتعرض للاحتلال والقهر والقوة العسكرية، وهذا الحق منصوص عليه في ميثاق الامم المتحدة ومعاهدة جنيف.

ويوجه الاسرائيليون باستمرار الاتهامات لياسر عرفات بأنه بدلا من التفاهم معهم يقوم بجولاته العربية والدولية ومخاطبة مؤتمرات القمة العربية والاسلامية ودول عدم الانحياز لحشد التأبيد لشعبه، ونضال هذا الشعب ضد الاحتلال، ذلك ان اسرائيل تشعر بفاعلية هذا التحرك وتشعر بالغيظ والقلق منه وتسعى لاحباطه، حتى ان مسؤولين كباراً في الحكومة الاسرائيلية ومنهم الوزيران ليبرمان وزئيفي طالبوا بمنع ياسر عرفات من السفر الى خارج فلسطين، او منعه من العودة لفلسطين.

نذكر هذه المعلومات للصديق الدكتور ادوارد سعيد الذي، ربما لبعده عن الوطن، لا يلم بهذه الحقائق الاساسية، فقد اعتبر د. ادوارد سعيد مثلا ان لا علاقة للرئيس ياسر عرفات بمقاومة الاحتلال وصد العدوان، كما اعتبر ان جولات الرئيس ياسر عرفات «تبختر في أروقة الفاتيكان ومواقع تافهة اخرى استجداء بدون كرامة او حتى ذكاء للمراقبين الدوليين بدلاً (حسب قول د. ادوارد) من البقاء من شعبه لمساعدته بتأمين الدواء والغذاء له». من المؤكد ان د. ادوارد سعيد لا يقصد ان ينضم للحملة الاسرائيلية لكنه حتما لا يعلم الحقائق، لذلك اصبح من الضروري ان يعود الدكتور ادوارد سعيد لأرض الوطن ليختلط بأبناء شعبه ورجال المقاومة الباسلة ليعرف الحقيقة، ونحن متأكدون من ان الدكتور ادوارد سعيد لن يجد صعوبة في الوصول الى ارض الوطن المحاصر، والى ابناء شعبه المحاصرين. وما اتمناه على د. ادوارد سعيد هو ان يبذل جهده ويستخدم قلمه وأدبه العاليي المستوى في التصدي لما يكتبه العنصريون في صحيفة الواشنطن بوست والنيويورك تايمز.

هؤلاء الذين وصلت بهم العنصرية الى حد المطالبة بسحق وتصفية الشعب الفلسطيني.

فشعبنا بحاجة الى قلمه للتصدي للعنصرية وللدفاع عن حقوقنا وليس بحاجة الى معول لا يفرق بين التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي. وفي هذا الاطار نود ان نقول اننا نرى العلاقة الجدلية الوثيقة بين ترتيب اوضاع البيت الفلسطيني الداخلية وبين رفع مستوى التصدي للعدوان الاسرائيلي ومقاومة الاحتلال، لكننا نعارض وجهات النظر التي تصل الى حد العدمية او التي تضيع التناقض الرئيسي مع الاحتلال في خضم اعتبار التناقض الفرعي هو الأساس.

نحن ضد البيروقراطية ونقاومها وننتقدها ونحن ضد الفساد وندعو للمحاسبة حسبما ورد في تقرير لجنة الرقابة التابعة للسلطة الفلسطينية.

نحن مع الشفافية والنهوض بمستوى الاداء الاداري. لكننا نرى ان هذا يجب الا يغيب عن ذهننا لحظة ان التناقض الرئيسي هو مع الاحتلال الاسرائيلي وضرورة الحشد والعمل لمقاومته والدفاع عن حقوقنا وحقوق الانسان في وطننا في كافة المجالات والمحافل الدولية.

وبما اننا نرى جدلية ذلك فنحن نرى ايضا جدلية عدم خوض معارك مع البروفسور ادوارد سعيد، بل ندعوه لتكريس قلمه الرائع وعبقريته لفضح المخططات الصهيونية وللتصدي للعنصريين الامريكيين الذين يطالبون بإبادة الشعب الفلسطيني.

وندعوه هو وأخوة لنا يتمتعون بعبقريات فذة، الى ان يساهموا في خلق حركة ديمقراطية متطورة تناضل بالوسائل الديمقراطية لاحداث التغييرات المطلوبة، تلك التغييرات التي من شأنها رفع مستوى الاداء والارتقاء بمستوى مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال ومساعدته على نيل وتحقيق اهدافه الوطنية.

ان دفاعنا عن ياسر عرفات هو دفاع عن قائد عملاق قاد شعبه على مدى هذه العقود، خارج حقول الالغام التي زرعت له من قبل الاعداء وخارج معارك التصفية والحصار واذكر البروفسور ادوارد سعيد بحصار شارون لبيروت وكيف قاد ياسر عرفات معركة المواجهة رغم ضآلة ما لدى الفلسطينيين من سلاح وعتاد لمواجهة آلة الحرب الاسرائيلية ـ الامريكية التدميرية.

لقد كتب جورج ويل George Will وتشارلز كراوثامر Charles Krauthammer ومايكل كيلي Michael Kelly افتتاحيات تفوح بعنصرية عرقية ضد الشعب الفلسطيني، لم يسبق لأي عنصري ان تجرأ على البوح بها ونحن نحاول الكتابة للرد على هؤلاء العنصريين لكن قيمة د. ادوارد سعيد العالية وعبقريته هي القادرة على التصدي لهؤلاء العنصريين. وشعبنا الذي يقاوم الاحتلال على الارض بقيادة ياسر عرفات يطالبه بأن يقوم بواجبه الوطني بالتصدي لهؤلاء ولاستخدام موقعه ومركزه المحترم والراقي في الولايات المتحدة وانكلترا، لدحض الآراء المشوهة حول نضال شعبنا.

كما ندعو الدكتور ادوارد سعيد لتجنيد اصدقائه امثال الدكتور ناوم تشومسكي وغيره من العباقرة لوضع خطة عمل لمواجهة هؤلاء العنصريين الذين يطالبون بابادة شعب بأكمله، مرة اخرى نقول اننا مع التغيير للارتقاء بمستوى الاداء وللتخلص من كافة اشكال البيروقراطية والانحراف لكننا لا نخلط الامور ابدا، ولا يمكن ان نغلب التناقض الفرعي على التناقض الرئيسي. لكننا نرى الرابط الجدلي بين ترتيب بيتنا الداخلي وبين الارتقاء بقدرتنا على التصدي للعدو.

فلتتوحد السواعد ليس فقط على ارض الوطن في مواجهة الاحتلال كما هو حاصل الآن. ندعو ايضا الى التكاتف بين المقاومين للاحتلال على ارض الوطن والمقاومين له خارج الوطن.

ونحن نعتقد ان دور اخوتنا العباقرة، الذين صنعوا لأنفسهم مكانة راقية في عالم الادب والعلم في العالم، هو دور يرتقي بأهميته الى اهمية المقاومة الجسدية للاحتلال على ارض الوطن.