رسالة بيت جالا

TT

هل تحرك اسرائيل لاحتلال مدينة بيت جالا الفلسطينية هو المسمار الاخير في نعش اتفاقيات اوسلو؟

مثل هذا السؤال لا يمكن تجاهله. فقد تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون بالالتزام بالاتفاقيات التي تم التوصل اليها بين الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة والسلطة الفلسطينية عن طريق عملية اوسلو.

وفي الوقت الذي دخلت فيه الدبابات الاسرائيلية بيت جالا قبل يومين فإن هذا التعهد، مثل غيره من التعهدات التي التزم بها شارون، اثبت انه بلا معنى.

كما ان قرار اعادة احتلال بيت جالا تم بالرغم من «النصيحة القوية» من واشنطن بعد ساعات من اغتيال القوات الاسرائيلية الزعيم الفلسطيني المعروف ابو علي مصطفى.

ان الحدثين يعززان استراتيجية اسرائيلية جديدة تهدف الى شل حركة المقاومة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته تحرمها من اكبر عدد من القواعد بقدر الامكان.

ويمكن لهذه الاستراتيجية الجديدة ان تجبر قيادة السلطة الفلسطينية على العودة للمنفى، بينما يتحرك الجيش الاسرائيلي لاحتلال الاراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وتصل مساحتها الى 18%.

ويبدو من الواضح ان شارون يعتقد انه اذا حُرم الفلسطينيون من قيادتهم بينما تسيطر اسرائيل سيطرة مباشرة على بعض الأجزاء من الاراضي الفلسطينية التي انسحبت منها جزئيا، فستنتظم الامور وستشرق شمس السلام على تل ابيب.

ان سذاجة مثل هذا الاعتقاد تتعدى كل التصورات. فقد كانت اسرائيل تسيطر سيطرة كاملة على جميع الاراضي المحتلة لمدة ثلاثة عقود من الزمن، بينما كان الحجم الاكبر من قيادة المقاومة الفلسطينية، بمن فيهم الشهيد ابو علي مصطفى في المنفى.

وقتلت فرق الاغتيالات الاسرائيلية العديد من قيادات المقاومة الفلسطينية في عدة دول، بما في ذلك لبنان وتونس. وبالرغم من ذلك لم تصبح اسرائيل سالمة ولا آمنة. وكلما جرى اغتيال قادة ظهر مئات لاحتلال مكانهم. ان الاحتلال المباشر لقطاع غزة بأكمله والضفة الغربية لم يقض على المقاومة الفلسطينية، ولاسيما الانتفاضة الاولى في الثمانينات. لقد تم عقد مؤتمر مدريد وعملية اوسلو بسبب سياسة اسرائيل الاحتلالية، بالاضافة الى استهداف القيادات الفلسطينية وهو الامر الذي لم ينجح.

والآن بعد اغتيال ابو علي مصطفى واحتلال بيت جالا، الى اين ستذهب اسرائيل؟ الاجابة هي: ليس لاي مكان. ان هذه الانتفاضة ليست مثل الانتفاضة السابقة. ففي هذه المرة ستستمر الى ان يحصل الشعب الفلسطيني على حقه المشروع في تقرير المصير وتشكيل دولته. ان الحكمة السياسية تقضي بضرورة العثور على وسائل للاسراع بالعملية السلمية والتأكد من تحقيقها بدون مزيد من اراقة الدماء.