الدفن حيا!

TT

يعتبر الدفن حياً من اكثر مخاوف الانسان بدائية.. انه الخوف من الظلام والاختناق ومجاورة الموتى.. وبعض الناس تنتابهم الكوابيس من انهم دفنوا احياء.. فاذا استيقظوا من الكابوس شعروا بأنهم بعثوا الى الحياة مرة اخرى.

وقد تعرض الأدب لهذا الخوف البدائي المرعب في روايات إدجار آلان بو وشكسبير وفكتور هوجو.. وقد انتشر هذا الخوف في العالم عندما كانت الأوبئة مثل الطاعون والكوليرا تحصد ارواح الناس ولم يكن هناك وقت للتأكد من موت المريض.. وخوفاً من انتقال العدوى كانوا يسارعون بدفن الميت.. وعادة ما كانت الجنازات تتم ليلاً في مقابر جماعية.

ولا شك ان عودة انسان من المقبرة التي دفن فيها امام كل الناس شيء مخيف... وتطالعنا الصحف بين فترة واخرى بعودة ميت. وهو بالطبع لم يمت، ولكن لم يتم التأكد من وفاته.. وهؤلاء الذين ذهبوا وعادوا وصفوا لحظات او ساعات او حتى ايام الدفن بأشكال مختلفة.. ولكنها جميعاً تبعث على الرعب.

ومؤخراً صدر كتاب «الدفن حياً.. تاريخ الرعب لأكثر مخاوفنا بدائية» للدكتور جان بونديسون وهو يحمل الدكتوراه في الطب التجريبي.

والمؤلف يستعرض في هذا الكتاب تاريخ الجدل الطبي الذي ثار وما زال حول كيفية التيقن من نهاية حياة الشخص وما هي علامات الموت الأكثر يقينية من غيرها.. والسائد حتى وقت قريب كان توقف القلب عن النبض.. ولكن بعض الناس تتوقف قلوبهم ويظلون احياء بواسطة التكنولوجيا الحديثة.. والمتفق عليه حالياً ان الموت الاكلينيكي هو موت جذع المخ.. ولكن حتى ذلك لم يحسم الموقف.

والى جانب هذا الجزء المخيف من الكتاب هناك جزء طريف يتعلق بالابتكارات التي ادخلها الحانوتية على المدافن اذ يمكن ان يدق «الميت» جرس انذار للتنويه الى كونه ما زال حياً.. ووسائل التسلية التي يمكن ان يستمتع بها «الميت» من تلفزيون الى ثلاجة وتلفون حتى عودته الى الحياة.. كتاب شيق عن موضوع مرعب.. يثير من المخاوف بقدر ما يثير من الابتسام والدهشة.