بين أن تسير وراء الناس.. أو أمامهم

TT

حسنا فعل الرئيس الفلسطيني هذه المرة عندما سارع الى الاستقلال برأيه وقراره عن رأي الشارعين الفلسطيني والعربي، فأعلن عن ايقاف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين وابدى استعداده للتعاون من اجل بدء المفاوضات. لا بد ان ابو عمار خرج الى الجميع وامام الكاميرات مدركا ان عليه ان يقود شعبه من اجل مصلحتهم لا ان يتركهم يقودونه حسب المزاج العام وتأثيرات الغوغاء. فيكفي فلسطين والفلسطينيين اربعون عاما من الفرص الضائعة التي لم يعوض اهلها ببدائل افضل.

ونأمل ان يخرج من رحم هذه الأزمة الخطيرة تاريخ جديد. ويجب الا ينسب الفضل لمتطرفين قتلوا خمسة آلاف اميركي مدني، بل يجب ان نعترف أن ابوعمار هو الذي غسل عن قضيته وعنا هذه التهمة التي ستظل فصلا قبيحا في التاريخ. وبالنسبة لبلد كالولايات المتحدة خسر في يوم واحد من مواطنيه اكثر مما خسره الفلسطينيون في انتفاضة عشر سنين، لا بد ان يكون غاضبا جدا وراغبا في الانتقام الى ابعد حد وهو ما لم يخف أمره على الاسرائيليين. لهذا سيحتسب لابو عمار هذه المسارعة من جانبه لتوضيح موقفه امام سلطته وشعبه، وهو هنا لم يكن بذلك مدافعا عن القضية الفلسطينية فحسب بل ايضا مدافعا عن العرب وسمعتهم ومستقبلهم. ابو عمار يدرك وهو يخرج امام العالم بشجاعة ان مصير الارامل واليتامى واللاجئين والمحاصرين لا يمكن تركه للمحرضين وخريجي مدارس الصراخ التلفزيونية، بل عليه ان يجرب كل الطرق في كل مرة تفتح امامه، وعندما تسد يظل هو صاحب الحق الذي لا يمكن ان يضيع. امام فرصة زمنية قصيرة لاحت للرئيس الفلسطيني خطف الفرصة من يد الاسرائيليين الذين ذهلوا من سرعة مبادرته بعد ان اطمأنوا لفكرة ان يساير ابو عمار، كعادته، الجمهور لا أن يُسيّره. ولن ننسى ما حدث عقب الاعتداءات التي اصابت نيويورك وواشنطن حيث لم يخف الاسرائيليون ابتهاجهم بورطة العرب كونهم الاداة المشتبه فيها، وركض المسؤولون مثل نتنياهو وباراك وغيرهما الى محطات التلفزيون الاميركية يحاولون لي عنق الرأي العام الاميركي مبكرا ضد العرب عامة والفلسطينيين خاصة بأنهم منبت الارهاب ومدرسته.

في هذه الفترة العصيبة، وهي بالفعل عصيبة، ويدرك ذلك صناع القرار في منطقتنا وفي انحاء العالم، كان على الرئيس الفلسطيني ان يختار ان يكون فيها بطلا مسارعا الى المشاركة، او ان يقعد في بيته في انتظار ان يناوله المنظرون العرب المزيد من اوسمة الضوضاء.