نريد أن نعرف

TT

.. ويجب ان نعرف، لأن من حق كل مسلم ان يجاب اجابة محددة عن سؤال محدد: ما هو بالضبط حكم الاسلام شرعا في الهجمات الانتحارية ضد الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر الماضي؟

نعم، لقد صدرت بيانات شجب واستنكار عن مؤسسات اسلامية رسمية، وصدرت مئات بيانات الادانة عن هيئات اسلامية غير حكومية، ناهيك من الادانة الصريحة التي نطق بها عشرات من علماء الدين الافاضل والاجلاء في كل العالم الاسلامي.

كل هذا كان ضروريا، ومهما، ومفيدا، ولا شك انه اسهم في التسريع من احتواء ردود الفعل الغاضبة التي بدأت تطوق العرب والمسلمين في مهاجرهم.

لكن، مع ذلك، ما تزال هناك حاجة الى اجابة محددة عن سؤال محدد: ما هو الحكم الشرعي في ما جرى؟

هذه الاجابة مطلوبة على شكل فتوى شرعية، واضحة لا يلفها اي غموض، وقاطعة لا تحتمل أي تأويل. فتوى كهذه يجب ان تصدر عن لقاء علماء أفاضل يمثلون مختلف المذاهب في الدين الاسلامي. وحبذا لو التأم شمل هذا اللقاء في ربوع مكان اسلامي له طابعه الروحاني، ثم حبذا لو التأم الشمل اليوم قبل الغد.

لماذا؟

كلا، ليس الغرض هو الدفاع عن المسلمين في الغرب ومساعدتهم في مواجهة حملات الكراهية التي يتعرضون لها، وليس الغرض هو الدفاع عن الاسلام في مواجهة حملة التحامل التي سُنّت سيوفها ضده منذ ذلك الثلاثاء الكريه، كلا (مع ان الفتوى ستخدم، بالطبع، هذين الغرضين تلقائيا) بل الغرض هو المسلم نفسه، قلبه، وعقله، ووجدانه.

حقا، يوما بعد آخر يتأكد اكثر واكثر ان مرتكبي هذه الجريمة هم من المسلمين، يضاف الى ذلك ما يُنسب الى بعضهم من وصايا وتعليمات يستند بعضها الى الدين، مع انها تتناقض تناقضا صارخا مع ابجديات هذا الدين الحنيف. تكراراً: ما هو الحكم، الحكم الشرعي، إذاً، في هذا الذي حصل، وفي ما يُنسب الى ديننا؟

ونكرر... كلا، ليس كافيا ان يقال: لقد شجبنا، واستنكرنا، واعلنا ان الاسلام بريء مما حصل، وانه يرفض ترويع الابرياء وقتلهم. المطلوب الآن ان يقال: ما هو حكم الشرع الاسلامي تحديدا في:

ـ اولا، الفعل نفسه..

ـ ثانيا، في المنفذين..

ـ ثالثا، في الاطراف المساندة، تخطيطا وتمويلا وتسهيلا..

إن مهمة هذه الفتوى ان تقول لنا، وبكلام واضح ومحدد:

ـ هل ان الذين اقدموا على هذا الفعل هم شهداء حقا في حكم الاسلام؟

ـ وهل ان الذين خططوا ومولوا وساندوا فعلاً كهذا يعطيهم الاسلام، حقا، شرف انهم يجاهدون في سبيل الله؟

مطلوب ان نعرف، ويجب ان نعرف، ومن حقنا على علماء الدين الافاضل ان يوجهوننا إذا الفتنة اطلت كقطع الليل مظلمة، وهذه تبدو منها، فلا يتركوا المسلم الحليم حيران. ان فتوى شرعية كهذه ضرورية لكي تبدد هذه الحيرة، خصوصا في اوساط الاجيال الشابة. ثم ان علماء الدين الافاضل بات من الضروري ان يطوروا دورهم ويزيدوا من حضورهم في مواجهة قلة متطرفة تمارس ارهاب التكفير كما يحلو لها. ان ما حدث في ذلك الثلاثاء المشؤوم خطير في نتائجه وتبعاته على الاسلام والمسلمين، اكثر مما هو تحد لاميركا والغرب. فعما قريب تنتقم اميركا عسكريا فتشفي غليل الاميركيين، ثم تنتقم سياسيا باعادة تغيير خارطة المنطقة، ثم يعاد بناء مركز التجارة العالمي، ولكن ماذا عما نشأ في النفس البشرية من تأثيرات وما ثار فيها من تساؤلات؟! هل من جواب؟!