مقالب الهمبرغر

TT

لا ادري ما هو تاريخ اكلة الهمبرغر سوى ان اسمها يدل على مجيئها من ميناء همبرغ الألماني. ولكن اصبح لها الآن تراث كامل، ولن اعجب اذا سمعت بأن عددا من العلماء الأمريكان قد حصلوا على شهادات الدكتوراه بأطروحات طويلة كتبوها عن الهمبرغر، تاريخها، ميزاتها، فوائدها ومضارها ونحو ذلك. لن اعجب اذا سمعت عن عدد من الشعراء العرب ينظمون قصائد حولية في مدحها. فهذا على أي حال افضل من قصائدهم في مدح هذا او ذاك من زعمائنا ورؤسائنا.

اصبح للهمبرغر كما قلت تراثها وفولكلورها. اكتشفت مؤخرا ان شركة برغر كنغ، وهي احدى كبريات الشركات العاملة في ميادين هذه الأكلة اللحومية، اعتادت على اجراء دورات تدريبية لمستخدميها يقومون خلالها بالمشي حفاة على جمر الفحم الخامد. تعتبر الشركة ذلك جزءاً من الاندماج النفسي بعمل الشركة. تحدثت عن ذلك دانا فريدمان المسؤولة عن التسويق بأن هذه العملية رغم ما تسببه من آلام فهي تعطي المستخدمين شعورا بالقوة والثقة بالنفس والقدرة على القيام بأي شيء ـ تقصد طبعا هنا بأي شيء، بيع الهمبرغراية للزبائن، وهو امر اصبح يتطلب الثقة بالنفس امام كل هذه التقارير السلبية عما يسمى بالأكل السريع.

بيد ان هذا التقليد العرفي للشركة سبب بعض المشاكل لها عندما انكوت اقدام خمسة عشر شخصا من مائة مستخدم ومستخدمة قاموا مؤخرا بهذا الجزء من التدريب واضطر المسؤولون الى نقلهم للمستشفى. ففي أمريكا وتراثها المنفعي على المواطن ان يتحمل أي شيء من اجل كسب قرشين. هذا بالفعل ما قاله تقريبا روبرت كلن المسؤول عن مجموعة الانجاز، عندما تحدث فقال تعليقا على ذلك، «عندما تسمع عن مائة شخص يقومون بذلك ويحتاج خمسة عشر منهم الى معالجة طبية بعد ذلك، فانني لا اعتبر ذلك شيئا غير اعتيادي. فبعض الناس عندهم اقدام حساسة جدا. هذا كل ما هناك». ولكن احد المستخدمين صرح بخلاف ذلك. قال: «كان المعتاد في برغر كنغ ان يجري شواء البرغر فقط. ولكن الآن يبدو ان ذلك يشمل اقدام المستخدمين ايضا. وكانت نكهة الاقدام المحترقة افضل من نكهة الطعام الذي نعده بعد ثلاث دقائق».

هذا هو الطعام السريع. يطبخ سريعا. تأكله سريعا. وتتناوله وانت تسوق سيارتك سريعا. وهو ما حصل لأمريكي آخر، المستر كننغهام. لسوء حظه بالغ بعنصر السرعة وهو سيارته ويأكل البرغر بحيث غص بها فسدت القصبة الهوائية بما ادى الى اغمائه وغيابه عن الوعي. اصطدمت سيارته بنتيجة ذلك بعمود كهرباء فشبت النيران فيها. ولكن الصدمة انقذته من الموت اختناقا. ادت الصدمة المفاجئة الى اقتلاع الهمبرغراية من حنجرته وقذفها بسرعة القنبلة الى الامام. استعاد الرجل تنفسه ولكنه لم يستطع الخروج من سيارته المهشمة حتى خف اليه بعض أهل الخير من السابلة وجروه منها. وكان اول ما خطر له هو انه فقد الهمبرغر التي هم بأكلها فسألهم بلهفة: «أين همبرغرتي؟». عاد الى السيارة ليفتش عنها، ناسيا كل ما كان في السيارة الشوفرليت من حاجيات. وجد قطعة الهمبرغر لاصقة بالزجاجة الامامية للسيارة. فعندما انطلقت من فمه ارتطمت بالزجاجة امامه والتصقت بها. سارع الى التقاطها واكلها بنهم وشغف. فقد ساعد الحريق الذي شب في سيارته على اكمال شوائها ونضجها، وربما اضاف اليها شيئا من نكهة غاز العادم والبنزين، وهو شيء آخر يحبه الأمريكان.

وهكذا فيبدو لي ان التسمية الصحيحة للمدنية الغربية والديمقراطية الأمريكية هي المدنية الهمبرغرية.