قوة الفلسطينيين في وحدتهم

TT

على الرغم من الصدامات التي جرت بين السلطة الفلسطينية وانصار حركة «حماس»، ما تزال الفرصة سانحة لانقاذ الموقف والابتعاد عن الانزلاق الى مستنقع الحرب الاهلية التي لن تفيد احدا بقدر ما ستفيد ارييل شارون والمخطط الذي يسعى الى تنفيذه بعناية، وهو مخطط يستهدف تعميق الانقسام في الصف الفلسطيني، وتأليب القوى الفلسطينية ضد بعضها البعض بحيث يضعف الجميع ويصبح من السهل تكريس الاحتلال الاسرائيلي والقضاء نهائيا على احتمال قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ويمكن القول ان الفرصة المتاحة للتفاهم الفلسطيني ـ الفلسطيني تعززت بعد الخطوة التي اقدمت عليها حركة «حماس» باعلانها وقف العمليات العسكرية في اسرائيل. وهذه الخطوة في نظر مراقبين كثيرين هي استدراك ايجابي من جانب هذا الفصيل الفلسطيني الذي كان يجب ان يدرك ابعاد التأثيرات التي تركتها احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي والهجمات الارهابية التي استهدفت نيويورك وواشنطن والتي كان لها اسوأ الاثر على العرب والمسلمين عموما، وعلى الكفاح الفلسطيني العادل والمشروع بصورة خاصة.

بيد انه في الوقت الذي بدت فيه خطوة «حماس» ايجابية، كان موقف حركة «الجهاد الاسلامي» لافتا للنظر من حيث اصرارها على رفض اي تجاوب مع موقف السلطة الفلسطينية وسياساتها الرامية الى استعادة زمام المبادرة من يد شارون العدوانية. هذا الاصرار الرافض اي تنسيق مع السلطة الفلسطينية لا يصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية، واذا استمر فانه سيشكل عامل اضعاف للوحدة الوطنية الفلسطينية، وربما يشكل عامل احتكاك وسببا للاشتباك بين قوات الامن الفلسطيني وانصار الحركة، وهذا هو الاكثر خطورة.

ان مسؤولية جميع القوى الفلسطينية الآن هي في اعتماد منهج الحوار والتعامل في ما بينها على اساس انها جميعها في خندق واحد هو خندق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذه المسؤولية لا تلغي اختلاف الاجتهادات، لكنها توجب الا يكون الاختلاف في الاجتهاد السياسي مبررا للاقتتال الداخلي. فالمطلوب من جميع القوى الفلسطينية هو التفاهم والتوافق ضمن بنود وازمنة محددة وان يكون القرار في يد السلطة فقط، ومن دون مخالفات حتى تنجح السلطة في احراج اسرائيل ودفع واشنطن للسير في طريق وعودها لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وضمن القرارات الشرعية الدولية.