التفاوض .. طريق الحل في الشيشان

TT

بعد ان اقر ممثل الكرملين لحقوق الانسان في الشيشان، فلاديمير كالامانوف، أول من أمس، بان «بعض المخالفات» ارتكبت اثناء عملية نفذتها القوات الروسية شرق غروزني، وبعد ان ادانت منظمة «ميموايال» الروسية لحقوق الانسان ممارسات الجنود الروس اثناء عملية «تمشيط» نفذتها بعد هجوم شيشاني على قافلة عسكرية، وبعد اعتراف ممثل الكرملين بأن عشرات المدنيين الشيشان اشتكوا من «سلوك» الجنود الروس اثناء العملية... لم يعد ثمة مجال «لتغطية السموات بالقبوات» والادعاء بأن الحملة العسكرية الروسية على الشيشان حملة «نظيفة» بالمعايير المتبعة في الحروب العادية، فكيف في الحروب الداخلية؟

واللافت ان انباء هذه التصرفات الروسية البشعة تأتي في نهاية سنة كانت «جيدة» بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقد ثبت قدميه كمحاور قيم بالنسبة لكبار قادة العالم، في الوقت الذي عزز فيه موقعه في الداخل. إلا ان حرب الشيشان تبقى نقطة سوداء في سيرة بوتين السياسية بمجرد ان يواصل ربع مليون جندي وشرطي روسي، بلا نجاح حتى الآن، محاولاتهم كبت تطلعات امة مزقتها الحروب لاستعادة هويتها الذاتية، علما بأنها أمة لا يزيد عدد سكانها عن مليون مواطن، معظمهم من النساء والاطفال.

تجدر الاشارة الى ان مسألة الشيشان كانت على جدول اعمال المحادثات التي اجراها بوتين مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في بريطانيا الاسبوع الماضي. وكانت هناك اشارات عن مبادرة مشتركة مع البريطانيين تهدف الى استئناف المفاوضات بين موسكو والقيادة الشرعية في غروزني.

ولا بد، في وقت من الاوقات، ان يسأل بوتين نفسه لماذا فشلت سنوات من الحرب في «حل» مشكلة الشيشان؟

ان تكرار القول ان روسيا تواجه الارهاب في الشيشان ليس كافيا. من المؤكد ان هناك ارهابيين في الشيشان، لكن هؤلاء لا يمثلون شعب الشيشان، بالضبط كما ان طالبان لم تكن تمثل شعب افغانستان، بيد ان المشكلة هي ان جيوش بوتين تحارب ايضا حكومة الشيشان الشرعية التي يقودها الرئيس المنتخب ديمقراطيا اصلان مسعدوف.

ففي عديد من المناسبات ذكر مسعدوف ان حكومته وجيشه على استعداد للوقوف الى جانب روسيا في سحق الارهابيين الاجانب، الذين كانوا وراء الجولة الاخيرة من الحرب، الا ان روسيا قد تبنت سياسة استعمارية، تسعى الى السيطرة المباشرة على الشيشان بدلا من الاعتراف بحقها في الحكم الذاتي.

الحقيقة الواضحة هي عدم امكانية انتصار روسيا في هذه الحرب. ولذا، فعليها التركيز على الفوز بالسلام. والفوز بالسلام لا يتحقق الا اذا التزمت روسيا بالاتفاقيات التي وقعتها مع الحكومة الشيشانية عام 1996. كما يجب اعادة حكومة الشيشان المنتخبة ديمقراطيا الى السلطة لكي يمكنها مطالبة المجتمع الدولي بمساعدتها على تطهير البلاد من الارهابيين الاجانب، والبعض منهم على ارتباط بتنظيم «القاعدة». لذا، فإن الجهود البريطانية والاوروبية لاقناع بوتين بإعادة النظر في سياسته تجاه الشيشان مطلوبة... وبالحاح.