الإسرائيليون في الهند

TT

مع اندلاع الخلاف بين الهند وباكستان وجدنا انفسنا في ورطة، بحكم العلاقة العربية الخاصة مع باكستان، حيث يجب ان نقلق من ظهور تحالف اسرائيلي هندي فندفع ثمنا باهظا لهذا الموقف المتعاطف مع اسلام اباد. لكنه مهم ان نعي حركة التحالفات ومعانيها. فعند تصنيف المنطقة الكبيرة التي نحن في دائرتها يكون التصنيف عادة مبنياً على صداقات وعداوات محسوبة لها اسبابها الجغرافية السياسية او الاقتصادية او الايديولوجية والدينية التي هي اليوم الاقل تأثيرا. ولا شك ان بعضنا سارع الى تصنيف الدول بتبسيط خاطئ يقوم على المذهبية، كما رأينا مثلا في حالة العراق والسعودية والتي ثبت خطأها، او الدينية وثبتت هشاشتها كما ظهر الحال عليه في الحرب الاخيرة في افغانستان حيث حالفت باكستان الولايات المتحدة ضد حكومة طالبان، واحيانا تعقد النزاعات خريطة التحالفات التقليدية مثل صدمة غزو الكويت التي قسمت المنطقة الى 12 دولة ضد 11 دولة، كلها عربية، ملكيات ضد ملكيات ويسار ضد يسار. وسبب هذا التقديم هو الحديث عن علاقتنا مع القوى الثلاث الكبرى المحيطة بمنطقتنا مثل الهند وتركيا وايران، ويخطئ البعض ممن اقرأ لهم لأنهم يريدون تخيل تحالفات في سلال تقليدية اسلامية او عالمثالثية... فهي ليست دقيقة الا اذا افترضنا اننا كتلة واحدة تفكر وتعمل بنفس المنهج والهدف، وان الآخرين ايضا على نفس الثبات، وهذا ليس صحيحا. فتركيا مثلا تمثل اشكالا دائما للدول العربية الشمالية كونها عضوا في حلف الناتو، ولها نزاعات حدودية ومائية مع سورية والعراق. ورغم خصومتنا هذه مع تركيا نجدها شريكا مهما لنا مثلا في ازمة مسلمي البلقان حيث لعبت دورا فعالا، ثم تصبح تركيا طرفا معاديا لنا بتفعيل علاقتها مع اسرائيل، مناورات واتفاقيات ومشتريات عسكرية، تجعل من تركيا كماشة شمالية مقلقة. ايضا اقرأ تركيا من جانب رابع حيث انها طرف مهم ضد العراق لصالح المجموعة العربية الجنوبية، اي دول الخليج، وحارس على بوابة ايران ايضا.

ويتكرر هذا التناقض في العلاقة مع اليونان حيث تتعاطف المجموعة العربية معها ضد تركيا لأكثر من ثلاثين عاما في النزاع على قبرص، وفي المقابل حافظت حكومة اثينا على موقف منسجم مع العرب في مواقفهم ضد اسرائيل، وهذا امر له اسبابه السياسية التي يطول شرحها.

وعندما نعرج على الامتحان الاكثر صعوبة في الوقت الراهن وهو الهند وباكستان تصبح الصورة اكثر تعقيدا. الخطورة ان اسرائيل اتجهت مبكرا لتطوير علاقاتها مع الهند وتركيا، نجحت مع الثانية ولا ندري بعد حجم نجاحها مع الهند وان كانت كل المؤشرات تنذر بتحول هندي غير عادي تجاه اسرائيل. الآن اسرائيل وجدت مدخلا حقيقيا لتفكيك الصراع في شبه القارة الهندية وربطه بنزاع الشرق الاوسط راغبة ان تكون حليفا حقيقيا واستراتيجيا للهند وهذه مسألة بالغة الخطورة على المعسكر العربي.