رسائل شارونية مفخخة

TT

تطورات الايام القليلة الفائتة في الاراضي المحتلة توجه عدة رسائل الى متابعي القضية الفلسطينية والمتأثرين بها. الرسالة الأقوى هي ان حكومة آرييل شارون مصرة على إنجاز عملية «إلغاء» السلطة الفلسطينية تمهيداً لترويض الشعب الفلسطيني وتصفية حقوقه المشروعة.

ولدى النظر الى الجهات التي وجهت اليها الرسائل يجوز القول ما يلي:

بالنسبة للشارع الاسرائيلي صادر اليمين الليكودي «شرعية» القرار الاسرائيلي، وفرض في ظل خطاب التطرف والقمع والالغاء على البقية الباقية الخجولة من المعارضة السياسية السير في ركابه. ويقوم منطق الليكوديين الآن على ان اللغة الوحيدة التي ينبغي التحاور بها مع الفلسطينيين هي لغة الضرب والتركيع.

وبالنسبة للفلسطينيين، قرّر اليمين الاسرائيلي حشر الشعب والسلطة في زاوية لا افلات منها، ومطلوب منهما فيها اما الاستسلام بلا قيد او شرط، او الانزلاق نحو حرب اهلية توفر على الآلة العسكرية الاسرائيلية الكثير من الضحايا واللوم.

وبالنسبة للعمق العربي ـ او بالأحرى ما كان عمقاً عربياً ـ للفلسطينيين يوجه اليمين الشاروني تحدياً صريحاً يهدف فيه ليس فقط الى فصم آخر رهانات الفلسطينيين على تدخل عربي لمصلحتهم على ابواب قمة عربية جديدة، بل مفاقمة ازمة الشرعية في النظام السياسي العربي، عبر تعرية عجز الحكومات وكشف عبثية مواقفها.

واخيراً بالنسبة للموقفين الدولي والاميركي، هناك بوضوح رغبة قديمة ـ حديثة عند اسرائيل بإعادة صياغة الموقف الدولي منها. وتتبلور هذه الرغبة اليوم في تنطح حكام تل ابيب الى لعب دور محوَري في الحرب ضد «الارهاب الاسلامي». وتتجه ديناميكيات هذا الدور في اتجاهين هما: بناء التحالفات الاقليمية (مع الهند وتركيا وجمهوريات آسيا الوسطى)، وشل اي تحرك اوروبي قد يشاغب في يوم من الايام على سياسة واشنطن الاقليمية.