بانتظار الضغط الأميركي

TT

اذا كانت الحرب هي ضد الارهاب، فإن ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية لا يفسر الا بأنه ضد الشعب الفلسطيني. واذا كانت المقاومة هي ضد الاحتلال، فإن العمليات الانتحارية الفلسطينية يجب ألا تكون ضد المدنيين الاسرائيليين.

ما يجري الآن هو حلقة مستمرة من العنف، وكل طرف فيها يتهم الطرف الآخر، وعدم رغبة الولايات المتحدة بالضغط الفعلي على ارييل شارون ليرفع الحصار وينهي احتلال المناطق وسياسة القتل المقصود، سيؤدي بالوضع الى تدهور متواصل.

أي انفجار تنتظره الادارة الاميركية كي تمارس الضغط المتوازن على الطرفين؟ مع التطورات الاخيرة، قد تضطر واشنطن خلال الاسابيع القليلة المقبلة ان تلجأ الى ممارسة هذا الضغط مع عودة الجنرال انطوني زيني الى المنطقة، لأنه اذا فشلت قوة خارجية مثل الولايات المتحدة فإن كل الفرص ستضيع.

الوضع صعب ومعقد، واذا كانت السلطة الفلسطينية، كما يبدو، غير قادرة على وقف اندفاع المتطرفين، فإن شارون يدعي انه يحمي المدنيين الاسرائيليين، مع انه في الواقع يطبق سياسة اعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.

منذ التوقيع على اتفاقية اوسلو والطرفان يمعنان في ارتكاب الاخطاء. فالحكومات الاسرائيلية المتعاقبة استمرت في بناء المستوطنات وتوسيعها، والسلطة الفلسطينية، بدل التركيز عالميا على هذه المسألة، جمعت كل الطلبات الفلسطينية في سلة واحدة وبدأت تتخبط، مع العلم انها لم تتشدد اثناء مفاوضات اوسلو في اهم مسألتين: القدس والمستوطنات. الآن، القيادتان الفلسطينية والاسرائيلية لا تطرحان اي خطة تنقذ الشعبين من المأساة المحدقة. والافظع ان اسرائيل لا تلاحق فقط العمليات الفلسطينية، بل ايضا تصريحات ياسر عرفات لتبني عليها التحليلات السلبية، اذ بدل ان يركز ولا يحيد عن عودة الاحتلال الاسرائيلي الى طولكرم، قال عرفات انه يعيش من جديد مسلسل بيروت، الذي اوصله الى الارض الفلسطينية ـ وليس حرب الخليج الثانية ـ وانه هذه المرة متأكد من الوصول الى القدس الشرقية. وقد تمسك رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، الجنرال اهارون زئيفي بهذه التصريحات ليقول ان عرفات لا يريد انهاء الصراع مع اسرائيل حتى ولو انسحبت الى حدود 1967 وسمحت بعودة اللاجئين الفلسطينيين!.

عملية السلام مجمدة، وحركة حماس اعلنت الحرب على اسرائيل، ولا نعرف هنا، اذا كانت حماس قادرة على تنفيذ تهديدها او ان عرفات قد ينجح في اقناعها بالالتزام بوقف اطلاق النار الذي اعلنه، فإذا فشل وتضاعفت العمليات الانتحارية، فمن المؤكد ان حكومة شارون سترد. لهذا يبدو الوضع خطيرا، وقد نكون على حافة تدهور سيزيد الاوضاع سوءا، كأن يذهب الاسرائيليون في احتلالهم ابعد من طولكرم فيصلون نابلس او بقية المناطق (أ) عندها قد تتدخل قوى خارجية لردعهم، بأن تمارس الضغوط المنتظرة، خصوصا اذا قرر شارون اعادة الاحتلال.

من المؤكد ان الولايات المتحدة، من خلال نظرة اوسع لخططها واهدافها، لا ترغب في رؤية الوضع الفلسطيني ـ الاسرائيلي يتدهور اكثر، والافضل ان لا تبدأ حماس بتنفيذ تهديدها، لأن الاميركيين سيثبتون موقفهم بأن الاسرائيليين هم الضحايا، انما من المهم ان تبدأ واشنطن بالتحرك، وتعمل لتحسين اوضاع الشعب الفلسطيني. فهي اذا لم تفعل وتضاعفت العمليات الانتحارية، كما يتوقع ايضا الجنرال زئيفي، فإن العالم لاحقا قد يجد نفسه في مواجهة دورة من العنف يصعب ايقافها.