أجانب أجانب أجانب

TT

لا يمكن لمواطن في اي بلد كان ان يفهم ان مشكلة «الاجانب» هي ظاهرة عامة وليست خاصة بموطنه. انها قضية في كل مكان تذهب اليه. في بريطانيا هي الشغل الشاغل بحيث يظن كثير منهم انها طاعون خاص بهم. وهذا هو حديث الفرنسيين. واتذكر انه كان ولا يزال موضوعا دائما في الولايات المتحدة عند الحديث عن المهاجرين من المكسيك ودول اميركا الجنوبية. و«الاجانب» هي القصة الوحيدة التي تسمعها من استراليا، تلك القارة الضخمة بمواطنيها العشرين مليون نسمة فقط.

اما في العالم العربي فلا يوجد بلد لا يشتكي من ظاهرة الاجانب كما هو الحال عليه في كل دول الخليج. وهي موجودة في اليمن الذي استقبل عشرات الآلاف من القادمين عبر البحر من الصومال وبقية دول القرن الافريقي. في لبنان الحديث ايضا عن الاجانب وهم فئات تصنيفها سياسي، مثل الفلسطينيين والسوريين، او عمالة عادية من مصر ودول جنوب شرقي آسيا. في الاردن المشكلة كبيرة جدا، فالفلسطينيون ليسوا قضية لانهم بالفعل جزء من الشعب الاردني لكن هناك عشرات الآلاف ان لم يكن مئات الآلاف من العراقيين الهاربين من بلدهم. وهناك فئات عمالية عربية وآسيوية في بلد يشتكي شبابه من البطالة.

فعلياً لا يوجد مكان في العالم بلا شكوى من منافسة الاجانب، اللهم الا في بلدان منكوبة تماما مثل افغانستان، هذا اذا اعتبرنا الافغان العرب ليسوا مصنفين عمالة اجنبية. والقاسم المشترك بين المجتمعات في عرض العالم التي تعاني من الهجرات والعمالة القانونية وغير القانونية انها تعتقد ان الازمة خاصة بها، وان الناس يفدون اليها طامعين في ثرواتها، والحقيقة انه لا توجد بقعة بلا هجمة اجنبية، الدول الفقيرة مثل الدول الغنية، بل حال الفقيرة اكثر بؤسا ومعاناة.

وهنا في بريطانيا، على الرغم من كثرة الشكوى من الاجانب وعلى الرغم من وجود العقلاء الذين يحاولون وضع الامور في اطارها بعيدا عن المبالغة، فإن الاعتقاد السائد انها حالة خاصة. وشرحت لأحدهم طبيعة موجات التنقل التي صارت عامة، وذكرته بأن هناك مئات الالوف من البريطانيين في الولايات المتحدة واستراليا وكندا يعيشون كأجانب ايضا هناك، وان هناك اصواتا تشتكي ممن على شاكلتهم كأجانب. القليل الذي يمكن تحقيقه، من اجل تقليص وجود الاجانب، لان عدم وجودهم امر شبه مستحيل في اي بلد كان، هو مساعدة المواطنين على ان يكونوا على قدر المنافسة وكسب عيشهم باقل قدر من المعاناة والخطر، ولا شك ان للمواطن في بلده الحق الاول لكن لا احد يستطيع ضمان هذا الحق بدون مؤهلات وتدريب وزرع الثقة في النفس، بدلا من الشكوى وتعليق عجز الفرد او الحكومة على مشجب الاجانب.