عرفات... والقمة العربية

TT

لا اعلم سر اصرار بعض الاطراف العربية على حضور ياسر عرفات الى قمة بيروت، بل اعتقد ان خروج عرفات من الأراضي المحتلة من دون ضمانة لعودته سيكون خطأ سياسيا كبيرا، ومخطئ من يعتقد ان منع عرفات من العودة الى وطنه سيتحول الى قضية سياسية رابحة.

عرفات بين شعبه حتى لو كان محاصرا، هو افضل بكثير من عرفات ينتقل من عاصمة عربية الى اخرى ولكنه غير قادر على العودة الى وطنه. وشارون يستطيع ان يفتعل أية قضية حتى لو كانت ضحاياها من الابرياء لايجاد تبرير لمنع عرفات من العودة الى الاراضي المحتلة. واليمين الاسرائيلي سيعتبر خروج عرفات بلا عودة هو انتصار لبرنامج التطرف من اسرائيل.

هناك حديث اسرائيلي متصاعد حول ضرورة وجود قيادة بديلة، وفي حالة غياب عرفات من الساحة الفلسطينية ستبدأ اسطوانة التعامل مع الامر الواقع، وضرورة وجود قيادة بديلة، وستكون المسألة محرجة للفلسطينيين.

قمة بيروت ستكون قمة عادية، وربما اقل من عادية لاعتبارات يعرفها الجميع وبسبب ارتفاع سقف القضية الفلسطينية الى مستوى أعلى بكثير من سقف الجامعة العربية، والقمة العربية لن تضيف جديدا ـ في حالة انعقادها ـ الا في حالة واحدة، هي طرح مبادرة الأمير عبد الله على القمة والبحث عن آليات لتبني هذه المبادرة والدخول في تفاصيلها. والمبادرة ان طرحت في القمة ستكون الانقاذ الوحيد لقمة عربية تنعقد في ظروف متشابكة وصعبة تتداخل فيها القضية الفلسطينية مع العديد من التناقضات العربية، وينشغل فيها الأمين العام للجامعة العربية بما يسمى بالملف العراقي عن كل القضايا الاخرى، ويتحول الى ناقل لرسائل القيادة العراقية للعواصم العربية وللأمين العام للأمم المتحدة من دون ان يلوح في الافق موقف عراقي محدد من الملفات العالقة والمؤجلة، وخاصة في قضية التفتيش على الاسلحة وقضية الاسرى المرتهنين الكويتيين، واهم من كل ذلك استمرار نفس السلوك العراقي.

القمة العربية من دون عرفات ستغيب عنها مسألة رمزية، والاراضي الفلسطينية من دون عرفات ستغيب عنها قيادة، والفرق كبير بين الحالتين، ولا يجوز التضحية بما هو اساسي لصالح ما هو رمزي، ولا يجوز ان يعامل حضور عرفات وغيابه بعقلية انفعالية، فلقد دفع الفلسطينيون كثيرا بسبب الانفعال على حساب الفعل.