خطة شارون

TT

ابدى رئيس الوزراء الفرنسي جوسبان استغرابه من استهداف اسرائيل للسلطة الفلسطينية وعرفات رغم ان الواضح ان الذي ينفذ التفجيرات داخل اسرائيل قوى اخرى غير السلطة التي تضرب هياكلها، وعرفات المحاصر والمعزول عن العالم.

واستغراب جوسبان في محله، وان كان واضحا وضوح الشمس منذ شهور عديدة، ففي الوقت الذي تطالب فيه اسرائيل الرئيس الفلسطيني بضبط الامن والسيطرة على القوى التي تنفذ التفجيرات والعمليات الانتحارية، كانت تقوم وبمنهجية شديدة منذ عدة شهور بضرب كل البنى التحتية للسلطة الفلسطينية ومقارها بهدف تحويلها الى سلطة على الورق لا تستطيع ان تفعل شيئا وتضعف نفوذها داخل الاراضي الفلسطينية.

وهذه هي الخطة الحقيقية لشارون التي يجب ان يدركها العالم، فالرجل لا يؤمن بالسلام، وكان من ابرز معارضي الاتفاقات مع الفلسطينيين، وقد جاء الى الحكم ببرنامج انتخابي متصلب، وله موقف معروف من عرفات الذي لم يلتقيه ابدا، ويبدو ايضا ان لديه اجندة انتقام شخصية ضد عرفات من ايام حرب لبنان التي كانت السبب في اطاحة شارون كوزير دفاع واضطراره الى الانتظار لفترة طويلة في مقاعد المتفرجين بدون تحقيق طموحاته السياسية.

وما نراه اليوم في رام الله وبقية الاراضي الفلسطينية هو المرحلة شبه الاخيرة من خطة شارون لتصفية السلطة الفلسطينية وقيادتها، واعادة طردها اذا امكن، وعملية نتانيا الانتحارية كانت مجرد ذريعة لاعطاء الاوامر بالبدء في الهجوم الاخير وحصار عرفات في مكتبه ثم عزله عن العالم.

والاهم من حصار عرفات هو ما تقوم به القوات الاسرائيلية الان من اعتقالات، وجمع اسلحة، واعتقال افراد الشرطة الفلسطينية، وهي عملية يبدو انها ستنتقل من مدينة الى اخرى حتى تصل الى غزة نفسها حتى يتحقق هدف شارون في انهاء وجود السلطة على الارض.

وبعيدا عن الشعارات الحماسية فانه للاسف لا يبدو ان هناك على الارض من يمكن ان يوقف هذا السيناريو، فالبندقية مهما كانت شجاعتها لا تستطيع في النهاية الوقوف طويلا امام الدبابة والطائرة.

وعربيا ليس ممكنا الان سوى الضغط السياسي على المستوى الرسمي والمظاهرات واطلاق صيحات الاحتجاج على المستوى الشعبي، بينما دوليا العالم يعيش تحت هاجس احداث 11 سبتمبر، ولا يرى سوى الجانب الاخر من العملة وهو العمليات الانتحارية، بينما بالكاد ينظر الى القمع الاسرائيلي الذي اوصل الناس الى هذه الدرجة من الاحباط واليأس لتتحول الى قنابل بشرية.

ان الرهان الحقيقي لشارون هو على هدم السلطة الفلسطينية القائمة حاليا لتخرج قيادة جديدة يفرض عليها شروطه، لكنه رهان خاسر في النهاية فما زرعه شارون هو الشوك والكراهية في قلوب الشباب الفلسطينيين والعرب، وهي وقود صراع وعدم استقرار وافتقاد للامن لفترة طويلة.