صاعقة تصيب فرنسا

TT

وصف ليونيل جوسبان، رئيس الوزراء الفرنسي، نتائج جولة الانتخابات الرئاسية الأولى، التي جرت يوم الأحد الماضي، بأنها «صاعقة». ومن المؤكد أنها كذلك. فلأول مرة، ومنذ وصول أدولف هتلر سنة 1933، عن طريق الانتخابات، إلى السلطة في ألمانيا، لم يتمكن زعيم أي حزب يميني متطرف، من الوصول الى هذه المرحلة، في أي انتخابات رئاسية جرت في بلد ديمقراطي كبير كفرنسا. من المؤكد أن جان ماري لوبن، زعيم حزب «الجبهة الوطنية»، الذي سيواجه الرئيس الحالي جاك شيراك، في الجولة القادمة، ليس هتلر، لكن أفكاره تتضمن الشوفينية والخوف من الأجانب، وتتبنى برامج «شعبية» ذات صلة وطيدة بتقاليد الفاشية الأوروبية. يوم الأحد الماضي، أعطى 40 في المائة من الناخبين الفرنسيين أصواتهم للأحزاب المتطرفة، يسارية كانت أم يمينية، وهذه الأحزاب يجمعها هدف واحد يتمثل في قلب النظام وفرض تغييرات راديكالية، تسير باتجاه معاكس مع الأحزاب السياسية الرئيسية. ويشكل احتمال أن تصبح «الجبهة الوطنية» الحزب المعارض الرئيسي في فرنسا، قلقا شديدا، هذا اذا افترضنا عدم فوز لوبن بالانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد اسبوعين. ولا بدّ أن يكون فوز زعيم «الجبهة الوطنية» نداء لليقظة، ليس للديمقراطيين الفرنسيين فحسب، بل لمن هم في الاتحاد الأوروبي. فالفاشيون يحتلون مواقع وزارية غير أساسية في العديد من البلدان الأوروبية مثل النمسا وإيطاليا. وإذا كانت استطلاعات الرأي صحيحة فان الائتلاف الحكومي المقبل في هولندا سيضم مقاعد للفاشيين الجدد، بعد الانتخابات التي ستجري في الشهر المقبل. يستطيع الفرنسيون، أن يقللوا من الأضرار السياسية التي نجمت عن فوز لوبن، عن طريق التوجه الكثيف إلى صناديق الاقتراع بعد أسبوعين، للتوثق من اقصاء لوبن عن منصب رئاسة الجمهورية الذي لا يستحقه بأي حال من الأحوال. من المؤكد أن شيراك هو المرشح المثالي، على الرغم من القضايا القضائية التي أثيرت ضده، والتي كشفت عن تاريخ مهني مملوء بالفساد. ولا بدّ أن ذلك المسلك لرجل في موقعه قد جعله يفقد قاعدة انتخابية واسعة. فيوم الأحد الماضي، حصل على نسبة أصوات أقل مما كسبه في الانتخابات السابقة التي جرت قبل سبع سنوات (قاعدته الانتخابية لم تتجاوز نسبة 13 في المائة من مجموع الناخبين)، وهو لم يمتلك أي برنامج انتخابي جدي، للإصلاح السياسي او التحديث الاقتصادي. مع ذلك فعلى الفرنسيين أن يصوّتوا لصالحه لتجنب الدخول في مغامرة خطيرة بقيادة لوبن. الآن، ومع انتهاء الشيوعية في اوروبا الشرقية والوسطى، ستكون مفارقة مأساوية أن يسمح للمسخ الفاشي بالفوز في فرنسا.