الذين أضحكوا الدنيا علينا

TT

كل يوم مر يتكشف فيه حجم الدمار والخراب الذي اصابنا بسبب احداث الحادي عشر من سبتمبر الاجرامية، ولا نغالي في القول ان احد اسباب الوضع الفلسطيني المأساوي الحالي له علاقة مباشرة بتلك الاحداث.

جرائم نيويورك وضعت أمتنا وتراثنا وثقافتنا على طبق من ذهب وقدمته الى الصهاينة، واعداء العرب والمسلمين، وتمت اكبر عملية ابتزاز وتشويه لسمعتنا ولثقافتنا ولحضارتنا. واصبح كل شر يربط بالعرب والمسلمين، وتم اتهام أمة بكاملها بجريمة قلة شاذة فيها، واصبحنا نضع أيدينا على قلوبنا كلما سمعنا عن حادث عنف في ابعد زاوية من الكرة الأرضية، خوفا من تورط احد ينتمي الينا، او يدّعي الانتماء.

عندما اصطدمت طائرة صغيرة ببرج تجاري في مدينة ايطالية، انشغلت اجهزة التلفونات العربية خشية من ان يرتبط ذلك الحادث بالاسلام او بالعروبة، ولم يشعر احد بالامان الا بعد ان اتضح ان اسم الطيار وجنسيته وديانته ليست لها علاقة بنا. وعندما حدث انفجار عفوي في مدرسة بنيويورك قبل ايام حبسنا انفاسنا خوفا من ورطة جديدة. وعندما اطلق طالب الماني النار على زملائه في المدرسة فقتل سبعة عشر طالبا قبل يومين وضعنا أيدينا على قلوبنا مرة اخرى حتى شاهدنا المتهم واذا به الماني ومشكلته فردية.

هل نجح الارهاب في تخويفنا، وهل تسبب ذلك الارهاب الذي حدث في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر بشيء سوى الإضرار بنا وبسمعتنا وبعقيدتنا، وماذا سيحدث لو قامت اجهزة مشبوهة بعمل ارهابي فاسندته الينا، او قام احد من مجانيننا ومتطرفينا بعملية ارهابية في هذه الظروف الصعبة والمعقدة، وفي ظل المأساة التي يتعرض لها الفلسطينيون.

الذين يتفننون في البحث عن متآمر اجنبي في كل مأساة تصيبنا ينسون او يتناسون ان من ورطنا طيلة تاريخنا المعاصر، وأضحك الناس علينا، ووضعنا في وضع سيئ، واعادنا الى الوراء هم من أبناء جلدتنا، من الذين دخلوا حروبا بالكلام والشعارات ومن دون تحضير، فدخلت اسرائيل واحتلت الضفة والقطاع والجولان، ودخل صدام الكويت فخلط الاوراق وتسبب في وضع الفلسطينيين في موقع الضعف، وجعلنا جميعا رهائن للآخرين، ثم جاء ارهاب تنظيم «القاعدة» فأعادنا مرة اخرى الى الصفر. نحاول ان نصلح شيئا مما أفسده من يفترض انهم ينتمون الينا ويدينون بديننا، ويرفعون شعاراتنا. انها مأساة أمة تحاول تبرئة نفسها بالقاء اللوم على الآخرين.