من مزرعة بوش إلى شرم الشيخ

TT

كما كنا نسأل لماذا اختار جورج بوش تكساس وبيته الريفي مقرا لمقابلاته الهامة فاننا سألنا ايضا لماذا اختار الرئيس المصري حسني مبارك شرم الشيخ محطة للقمة الثلاثية حيث التقى قبلها كل كبار ضيوفه خلال الاشهر الماضية. ماذا حدث لواشنطن والقاهرة؟

قد يكون لخبراء الأمن رأي غالب في شأن اختيار المدن والمساكن في كل لقاء سياسي كبير ولا بد ان شرم الشيخ حظيت بموافقتهم ايضا رغم ان المناطق البحرية ليست عادة خيارا مفضلا عند الامنيين لسهولة السباحة اليها. مع هذا فقد اصبحت شرم الشيخ، منتجع الارستقراطية المصرية والخليجية، مركزا للحركة السياسية لا السياحية فقط، ووجدها المسؤولون المصريون حلا مريحا من زحام القاهرة، وارتضاها الجميع بحكم جمالها وموقعها وذيوع اسمها دوليا، خاصة انها منتجع سياحي مطور بخدماته وتخطيطه. اما القاهرة، التي تبعد عن شرم الشيخ اكثر من خمسمائة كيلومتر فهي مثل اي عاصمة كبيرة، فيها يضيع وقت اي زائر في شوارعها المكتظة بكم هائل من السيارات والبشر، ويتسبب كل موكب يعبر في تعطيل الحركة وبالتالي تعطيل مصالح الناس، لهذا يمكن حساب الربح والخسارة بحساب مسافة الطريق، فالذهاب من مطار القاهرة الى قصر القبة يأخذ من الوقت اكثر من اربعة اضعاف ما يستغرقه التنقل من مطار شرم الشيخ الى فندق «الفور سيزنز» حيث يبعد أقل من عشر دقائق فقط.

ومن الواضح ان الرئيس حسني مبارك اختار مبكرا شرم الشيخ أي قبل ان يختار الرئيس بوش مزرعته، للخروج عن مركزية القاهرة التي ظن الكثيرون انه لا يجوز الخروج عنها مهما كانت مزدحمة ومشغولة. فلا ننسى ان شرم الشيخ هي رمز التوسع الجديد الذي يحاول التخفيف عن العاصمة المزدحمة والتوجه نحو ساحل البحر الاحمر وجنوب سيناء حيث الغردقة وشرم الشيخ وعدد جديد من المدن السياحية. ووجدت التجربة نجاحا سياسيا وسياحيا حيث اصبحت مركزا اساسيا للاجتماعات الجادة ايضا. وشرم الشيخ ايضا رمز التحديث والمشروعات الكبيرة التي صارت قبلة السياح من ايطاليا والمانيا وحتى من روسيا.

وقد اختارتها وفود الدول المانحة في مؤتمرها الماضي، واعقبها البرلمانيون العرب، وشهدت معظم لقاءات القادة الهامة الاخيرة. هذا بالنسبة الى توفير الوقت وتركيز الجهد، اما النتائج بطبيعة الحال فلن يضمنها اختيار منتجع على بحر او قلعة على رأس جبل، بل يحسمها عزم القادة وقدرتهم على الاتفاق. شرم الشيخ ساعدت القمة الثلاثية الاخيرة على التخلص من المؤثرات البعيدة عن العقل، وان لم تكن بعيدة عن المؤثرات الاخرى بسبب تجهيز الفندق باجهزة تلفزيون تزدحم باربعين محطة فضائية تصيب من يشاهدها بالصداع. والزوار العرب عادة لا يحبون الحمامات الشمسية ولا يتلهفون على مشاهدة الآثار التاريخية بعكس معظم الضيوف الاجانب الذين لا تفوتهم سرقة بعض الوقت لزيارة معالم المنطقة المحيطة مثل جزيرة فرعون، وقلعة صلاح الدين، وغابات المنجاروف، وجبل موسى، وزيارة دير سانت كاترين.