المجرم الدلوعة

TT

كتبنا أمس عن الاهتمام البالغ الذي تحيط به الحكومات المجرمين المنحرفين واللصوص والشواذ إلى آخر القائمة السوداء التي تضم الخارجين على القانون. وقلنا إن هؤلاء يلقون الرعاية والاهتمام بينما لا يلقى الضحايا بعض ما يلقون من اهتمام السلطات المسؤولة، وقلنا إن الضحية لا يلقى ما يلقاه المجرم من دراسة واهتمام ورعاية أيضا. وطالبنا بأن تهتم الحكومات بالضحية اهتمامها بالفاعل. وأنها ما دامت مسؤولة عن أمن المواطن فعليها أن تعوضه عن وقوعه ضحية لمعتد أثيم.

وعلى سبيل المثال نشرت الصحف الأميركية أن مجرما أثيما أدين في جريمة قتل ستة من أفراد أسرة واحدة، هذا المجرم رفع قضية ضد إدارة السجن الذي ينزل فيه لأن الفراش الذي ينام عليه عامر بـ«البق» مما يجعله لا يتمتع بنوم مريح، وطالب المجرم القاتل بتعويض عن ليالي الأرق التي قضاها مع البق قبل أن تبادر إدارة السجن بإبادة البق القليل الذوق الذي سرق النوم من عيني المجرم كما يسرق الحب النوم من عيون المحبين. وقد بادرت المحكمة إلى الاستجابة لطلب المجرم الذي أصابه الأرق وحكمت له بتعويض قدره 700 ألف دولار أميركي.

هذا نموذج لـ«دلع» المجرمين، ولاستجابة السلطة إلى هذا الدلع، بينما لم نسمع أن السلطة المسؤولة قامت ببحث تعويض الأسرة المنكوبة.

لقد اتضحت لعدد كبير من المهتمين بشؤون المجتمع هذه المفارقة العجيبة، مفارقة أن تهتم السلطات المسؤولة في أي بلد بالمجرمين واللصوص أكثر من اهتمامها بضحايا هؤلاء المجرمين واللصوص.

لهذا تأسست جمعيات أهلية مهمتها رعاية الضحايا وقد بلغ عدد هذه الجمعيات 450 جمعية في مختلف الدول الأوروبية. ويعمل بهذه الجمعيات آلاف المتطوعين. فهل تقوم جمعيات أهلية في البلاد العربية للقيام بمثل هذه المهمة النبيلة؟ إن لإنشاء هذه الجمعيات قصة تستحق أن تروى .. فإلى الغد.