.. يوم بكت سوزان!!

TT

بكت «سوزان توراكروسا بيرغر» واستبكت يوم السبت في الثامن عشر من هذا الشهر فأجهش بالبكاء عدد كبير من الحضور وتحول حفل تخريج الصفوف النهائية لطلبة جامعة «فيلا نوفا» في ولاية بنسيلفينيا الأميركية الذي حضره نحو ثمانية آلاف إنسان إلى «مناحة» فخيمت أجواء سوداء حزينة مع أن المفترض أن المناسبة مناسبة فرح جاء إليها أولياء أمور من كل أرجاء الكرة الأرضية.

سوزان توراكروسا إحدى خريجات هذه الجامعة، وكذلك زوجها جيمس بيرغر الذي فقد حياته في أحد برجي نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) .. وسوزان التي وقفت بخشوع حزين أمام جمهور بلغ ذروة الانفعال تحدثت بأسلوب مسرحي عن زوجها الذي فقدته في ذلك اليوم بعد أن أنقذ أرواح مائة وعشرين من العاملين في أحد برجي نيويورك وعن أنها أصبحت أرملة وهي ابنة الثمانية والثلاثين ربيعا.. وعن أنها غدت المعيلة لثلاثة أطفال اكبرهم في الثامنة من عمره.

لم تأت سوزان توراكروسا لا على ذكر الاسلام ولا على ذكر أسامة بن لادن لكنها أكثرت من ذكر الشيطان الشرير الذي ضرب في ذلك اليوم ضربته ضد الحضارة والناس الأبرياء ففهم الجميع أو أغلب الذين حضروا حفل تخريج أبنائهم وأقاربهم أن المقصود هو ذلك الدين البريء.. السمح والمتسامح الذي غدا عنوانه في الغرب كله تنظيم القاعدة والملا عمر وطالبان وعمر عبد الرحمن.

لا مجال على الاطلاق لمخاطبة عقول هؤلاء الناس وافهامهم أن هذا الاسلام الذي قتل ودمَّر في الحادي عشر من «سبتمبر» والذي عنوانه أسامة بن لادن والملا عمر والقاعدة وطالبان هو الاسلام الذي رعته الولايات المتحدة بل انشأته عبر الـ «سي.آي.ايه» والمخابرات الباكستانية في عهد ضياء الحق لمواجهة المد الشيوعي وتدمير الاتحاد السوفياتي، وان الاسلام الحقيقي هو دين التسامح وحقوق الانسان وهو الدين الذي يحرم قتل النفس البريئة إلا بالحق.

لا مجال لمخاطبة عقول أناس استباحهم الاعلام المبرمج منذ الحادي عشر من «سبتمبر» وحتى اليوم، وخصوصا ان الاعلام العربي والاسلامي غائب تماما.. بل وبخاصة ان هناك من لا يزالون يدافعون عن الملا عمر وأسامة بن لادن والقاعدة وطالبان ومن لا يزالون يعتبرون أبو سياف الفلبيني، ذلك اللص القاتل، نموذجا للبطل الاسلامي الذي يصارع تنين الكفر والالحاد و «يجاهد»!! من أجل احقاق الحق في تلك البلاد البعيدة.

في كل يوم يتكرر ذكر الحادي عشر من «سبتمبر» وفي أكثر من مائة شاشة محطة تلفزيونية أكثر من مائة ألف مرة، وفي كل يوم يختلق الاعلام الاميركي ويفتعل قصة جديدة، وفي كل يوم يجد هذا الاعلام ألف قصة يعزز من خلالها وجهة نظره.. فهناك الذين لا يزالون يدافعون عن بن لادن وقاعدته وعن الملا عمر وطالبانه.. وهناك التنظيمات الفلسطينية التي لا تزال تصر على اظهار بعض مقاتليها في هيئة أشباح تتدرب على السلاح وتتعلم كيف تنسف وتفجر وتقتل.. وهناك من لا يزال، بعد هذا الذي جرى كله، لم يتعلم ولم يستفد من التجربة.