من 11/9 إلى 10/7

TT

ها هو جورج بوش يعمل خلال عطلة الاسبوع، من اجل ان يحل ما لا يُحل. فقد سبقته الى الشرق الأوسط فضيحة «انرون» التي ورد فيها اسم العائلة. وكان ذلك بعد زيارة شارون الثانية. ثم لحق به الى المنطقة كلام يقول ان بعض الادارة عرف قبل 11/9 بأن شيئاً يعدُّ ولم يتحرك. وقبل دخول عطلة نهاية الاسبوع وهو يستعد للقاء الرئيس حسني مبارك وارييل شارون، كان مجلس النواب الاميركي قد بدأ «الاستماع» الى القصور المباحثي الذي ادى الى ضرب برج التجارة العالمي.

لذلك التفت بوش الى اسهل مرمى لتسجيل الاهداف وأنب ياسر عرفات من جديد على انفجار اوقعته منظمة الجهاد الاسلامي واعلنت مسؤوليتها عنه من دمشق، التي لا تزور عرفات ولا يزورها. ومرة اخرى قال انه «غير راض» عن اداء الرئيس الفلسطيني الذي «سلَّم» الاسبوع الماضي مشروع الاصلاحات في السلطة الى المستر جورج تينت، مدير السي. اي. ايه، وواضح ان الزعيم الفلسطيني لا يحسد ولا يغبط على ما هو فيه. فاذا فجرت «الجهاد» او «حماس» باصاً في اسرائيل، فجر ارييل شارون مقره وغرفة نومه وما بقي من غرفة الطعام التي عاشت على الشموع طوال شهرين.

واذ يدافع الرئيس مبارك عن وجود عرفات ودوره، لا يجد ما يقوله سوى ان المسألة «في حاجة الى عرفات عاماً آخر» يسلم بعده الحكم الى سواه. وقد وافقه على كلامه هذا سفير فلسطين لدى الجامعة العربية الذي قال وانشد ان عرفات طالما قال في مجالسه انه سوف يسلم الزعامة الى من هو اصغر منه سناً بعد قيام الدولة، اذن، عام، مجرد عام آخر للرئيس الفلسطيني كحد اقصى يطلبه الاصدقاء، فيما يدور نقاش وجداني جوهري في اسرائيل: ايهما اجدى؟ النفي ام القتل؟ مساكين الاسرائيليون، على هذه الحيرة التي تزيد الامور تعقيداً. ففيما يرسل شارون دباباته الى مقر عرفات لتحويل البقايا الى بقايا البقايا، يقول وزير خارجيته شمعون بيريس ان المسؤولية انما هي مسؤولية دمشق ويهددها، مع لبنان طبعاً.

لم يحدث ان كان رجل موضع تناقض وتجاذب سياسي من فرقاء متخاصمين او متعادين، كما هو ياسر عرفات اليوم: الاسلام السياسي الفلسطيني يلتقي مع اليسار السياسي الفلسطيني في العمل على رفض مشروعه مع غلاة اليمين الاسرائيلي في الرغبة بالخلاص منه، قبل ان ينصرفا الى بعضهما البعض. والولايات المتحدة تعلن باستمرار ان لا بديل سياسياً له، ثم تعود وتعلن انه رجل غير قادر على ضبط الامور وتدبير شؤون السلطة والتسوية. واسرائيل تدمر قواه الامنية ثم تحمله مسؤولية الحوادث. والعرب حائرون في ما يقولون وما يفعلون لان الكثيرين منهم لا يعرف ماذا يجري حقاً ولا الى اين ستؤول الاشياء.

وهكذا ينتظر الجميع ماذا سيقول جورج بوش لشعبه، كما وعد الاميركيين دون سواهم. فهو اليهم سوف يبلغ رؤياه للدولة الفلسطينية التي ورد ذكرها في بلاغه المشترك مع فلاديمير بوتين خلال زيارة موسكو الاخيرة. لكن مثل هذا الامر، او الحل، كان قد ورد في بلاغ نيكسون ـ بريجينيف قبل حوالى ثلاثة عقود. والمطروح اليوم ليس بلاغاً آخر بل رؤية نهائية، ليس للقضية العربية، بل لواقع العلاقة بين الاسلام والغرب. والعرب والغرب.