قرار ملك البحرين تعديل قانون الجنسية البحرينية، بحيث يمكن للمواطن البحريني الاحتفاظ بجنسيته عند حصوله على جنسية أخرى من احدى دول مجلس التعاون هو قرار يستهدف تحقيق فكرة المواطنة الخليجية، كما فسرت البحرين ذلك، لكن هذه الخطوة وإن كانت تصدر عن نية صادقة وهدف نبيل فإن لها محاذيرها الاقتصادية والسياسية.
دول مجلس التعاون تقدم خدمات إسكانية وزراعية ودعما لكثير من الأنشطة، وهناك نزيف مالي هائل تتحمله بعض دول مجلس التعاون كالسعودية والكويت بسبب ازدواجية الجنسية، فهناك آلاف ممن يحملون جنسية البلدين، وهؤلاء يستغلون هذا الوضع للاستفادة من الخدمات والمميزات التي تقدمها حكومتا البلدين لمواطنيهما على حساب بقية المواطنين حيث يتمتع عدد من هؤلاء بالحصول على امتيازات الإسكان وقروض الدعم الزراعي وغيرها على حساب بقية المواطنين، ممن يحملون جنسية واحدة.
هناك مشكلات سياسية يمكن أن تنشأ بين دولتين مثل البحرين وقطر، فازدواجية الجنسية تفرض واقعا سياسيا يتمثل بإمكانية الحق في التصويت في الانتخابات البرلمانية والبلدية في البلدين، وهذا سيؤدي لو أسيء استعماله إلى مشكلات سياسية واجتماعية ستشكل توترا بين البلدين.
كان هناك طرح متطرف يعترض على الدعوة لتحديد الحدود بين بلدان مجلس التعاون بحجة أن الطرح الوحدوي يتناقض مع دعوة تحديد الحدود. ولقد ثبت أن تحديد الحدود هو المدخل لأية وحدة، فهو يخلق حالة من الثقة المتبادلة التي تمكن هذه الدول من التنسيق والتوحيد، وربما إلغاء الحدود بشكل طوعي وعن قناعة. وكذلك الحال فإن تحديد الجنسية لكل مواطن خليجي هو المدخل لتوحيدها وإلغاء تعدد الجنسية، دون خلق مشكلات اقتصادية في ظل البطالة والامتيازات التي تقدم لمواطني بعض الدول، ودون خلق مشكلات سياسية نحن في غنى عنها. والحال كذلك بالنسبة للمنتجات الزراعية والصناعية في كل دولة خليجية، فلا بد من حمايتها وتحديدها كمدخل لوضع برنامج متدرج شامل لكل الدول بدلا من ترك الحبل على الغارب باسم الوحدة، وهو ما قد يخلق حالة من الصراع بدلا من الوحدة.
هناك أحلام مشروعة للتوحيد، ولكن هناك واقعية سياسية واجتماعية واقتصادية لا بد من التعاطي معها، فالتجارب العربية الوحدوية الفاشلة كانت ضحية لوضع الأحلام قبل الواقع، والاندفاع إلى وحدات اندماجية وهمية، وتوحيد سياسي من دون غطاء اقتصادي، وربما يكون التنبه إلى خطر ازدواجية الجنسية على المشروع الوحدوي الخليجي أفضل من الاعتقاد أن ازدواجية الجنسية ستدفع إلى التوحيد.