إنزال الإسرائيليين من الدبابة

TT

إلى متى سيتحمل المجتمع الإسرائيلي حياة الحرب والرعب المستمرة منذ تأسيس «الدولة» حتى يومنا هذا؟ كل إسرائيلي ولد على أرض فلسطين تحول إلى عسكري، والأغلبية الساحقة من الأجيال الإسرائيلية المتلاحقة دخلت حروبا، أو شاركت في قمع الفلسطينيين في ظل حالة من الاستنفار الدائم.

بعد توقيع الرئيس السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل، وفي خضم الرفض العربي الشهير للاتفاقية، قال أحد السياسيين المصريين ـ لا أذكر اسمه ـ إن أهمية السادات تكمن في أنه انزل الشعب الإسرائيلي إلى الأرض وهو شعب يعيش داخل دبابة.

ما نشر من أرقام أمس عن النفقات العسكرية الإسرائيلية يطرح مشكلة الشعب المحارب والمستنفر، ويطرح أسئلة حول المستقبل، حول إمكانية أن يعيش الإسرائيليون في حالة حرب دائمة، فمعدل الصرف العسكري على الفرد في إسرائيل يبلغ ألف وستمائة وتسعين دولارا، أي بمعدل أحد عشر ضعفا عما يصرفه الفرد في المتوسط في دول العالم، وهو مائة وخمسة وأربعين دولارا فقط. وحتى في الولايات المتحدة التي تصرف على نفقات الدفاع مائتين وواحد وثلاثين تريليون دولار، فإن معدل نفقات التسلح على الفرد أقل من إسرائيل.

هناك من يقول إن الايديولوجية الصهيونية تعيش على فكرة الاضطهاد، وإن العالم كله متآمر على اليهود، ولذلك يدفع السياسيون المجتمع الإسرائيلي إلى حالة التأزم المستمرة والحرب مع الآخر، باعتبار أن ذلك أحد أهم أسباب بقاء واستمرار وجود المجتمع الإسرائيلي. وهناك من يطرح السؤال الكبير: كيف يمكن إنزال الشعب الإسرائيلي من دبابته ليمشي على الأرض ويتعايش مع الآخرين؟ وهو سؤال ينقسم العرب حوله، فهناك من يقول إن القوة وحدها كافية لدفع إسرائيل للسلام، وإنه من دون خسائر بشرية كبيرة فإن الإسرائيليين سيستمرون في عنادهم وتسلطهم وانتخاب متطرفيهم لقيادة إسرائيل، وهناك رأي آخر يقول إن موازين القوة العسكرية مختلة بشكل واضح مع إسرائيل لأسباب إسرائيلية ولأسباب تتعلق بموازين القوى الدولية، وإن إنزال الشعب الإسرائيلي من دبابته يتطلب مبادرة سلام شاملة تكون مغرية للمقارنة بين استمرار الشعب الإسرائيلي كشعب محارب، أو نزوله من الدبابة عبر عملية سلام حتى لو اضطر فيها الإسرائيليون إلى «التنازل» عن بعض ما سرقوه من الأرض! بالنسبة للعرب، فإن المشكلة لا تكمن في طبيعة الجواب على السؤال المطروح، بل في طريقة التعامل مع الواقع، فعندما اختار العرب خيار الحرب، دخلوها دون استعداد، فكانت الهزيمة، وعندما يدخل العرب الآن خيار السلام فإنهم يدخلون من دون موقف موحد، وكل الخوف أن تكون نتيجة حرب السلام لا تختلف كثيرا عن نتائج حرب الهزائم.