التراشق بالأغاني!

TT

روى لي الصديق مجدي العمروسي ان الاذاعة بدأت في مصر، ببضع محطات اهلية بلا اشراف حكومي، وكانت كل اذاعة تسعى الى جذب المستمعين بمهاجمة الاذاعة الاخرى على الهواء، ثم تطورت مسألة الشتم والردح الى تأليف اغان هجومية من العيار الثقيل.. كل محطة تمدح نفسها، وتقول انها المحطة الوحيدة، والمحطات الاخرى «يوك»، وعندما زادت جرعة الاغاني تدخلت الحكومة، واغلقت هذه المحطات وبدأت محطة الاذاعة الرسمية على ما اذكر عام 1935.

ويبدو ان بعض المسؤولين عن السياحة في المدن السعودية السياحية، درسوا تاريخ المحطات الاذاعية الاهلية في مصر، وهم الآن يكررون التجربة، ففي نطاق ما يسمى بالترويج للسياحة الداخلية، بدأت بعض مدن المملكة السياحية تبحث عن مؤلفين «نص كم»، وملحنين «ربع كم»، ومطربين بلا اكمام للترويج للسياحة، واغراء السياح، وجذب آذان وجيوب السائحين.. وذلك بأغان مثل:

جدة يا هوى الولهان..

فيها اتجمعوا الغزلان..

واي ساذج يعرف ان جدة ليس فيها غزلان من البشر، ولا من الحيوان، ولو تصورنا انه صدق ما يقال ـ اقصد هذا السائح الساذج فلن يجد في جدة الا الزحام المروري الخانق، والمجاري الطافحة، والاسعار المبالغ فيها لمناطق التسلية والترويج، ناهيك من المضايقات المعروفة، ومثال واحد يكفي، فدخول السيرك يكلف السائح الساذج 120 ريالا، فاذا كان صاحب اسرة كبيرة فقد تم خراب بيته. وبالمناسبة غرفة جدة مسؤولة عن هذه الاسعار التي هي اغلى من دخول ديزني لاند، او زيارة استوديوهات يونيفرسال، اذ كان المفروض ان تدعم غرفة جدة هذه النشاطات بفلوس رعاة المهرجان.

وقد تبادلت الطائف القصف الغنائي فقالت اغنيتها: الطائف احلى واحلى! ان الترويج السياحي له ابجديات وبديهيات ليس من بينها تأليف الاغاني الساذجة، وتبادل القصف الغنائي الذي يطفش السياح ولا يغريهم بالقدوم، لذلك نأمل ان تتولى الهيئة العليا للسياحة الاشراف على المواسم السياحية في كل مدن المملكة، وان تبعد الهواة الذين اختطفوا مواسم السياحة، لاسباب دعائية بحتة مثل غرفة جدة، التي استطاعت في غفلة، ان تستولي على المهرجان وفلوس الرعاة، بدون وجه حق، اذ ان في كل مدن العالم تتولى البلديات مثل هذه النشاطات، وليس غرف التجارة.