ما أشعر به بعد مساهمتي في إنقاذ شيراك

TT

كتب الجزائري، محمد شيلالي، مقالة أمس «أردت أن تكون خاصة بصحيفة «الشرق الأوسط» التي نقلت تفاصيل مساهمتي في انقاذ الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، من الاغتيال يوم الأحد الماضي» وفق ما قاله أمس، وهو يبث مقالته عبر الهاتف الى «الشرق الأوسط» من حيث يمضي اجازة الآن مع عائلته في مدينة مونبيلييه، بالشمال الفرنسي.

وقال شيلالي إنه ترك باريس الى مونبيلييه، حيث استأجر شقة لعشرة أيام مع زوجته نور وابنيه منها، طارق وايناس، بالاضافة الى صديقتها الكندية، وهي الطفلة إيما، البالغة من العمر 10 سنوات.

وذكر شيلالي أن رئيس الوزراء الكندي، جان كريتيان، اتصل به هاتفيا أمس وأبلغه شعوره بالسعادة مما ساهم به في يوم الاستقلال الفرنسي، حين منع الراغب بقتل الرئيس الفرنسي من المضي في ما كان ينويه، عبر انقضاضه عليه وطرحه على الأرض وسط المتجمهرين قبل أن يطلق الأخير النار من بندقيته الأوتوماتيكية.

وقال شيلالي إن كريتيان دعاه للعشاء مع عائلته في البيت بكندا «إلا أنه حين علم أنني سأكون في بيروت لعامين، اتفق معي على أن يزور العاصمة اللبنانية خلال مؤتمر الفرانكفونية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ليلتقي بي، أي كما وعدني الرئيس شيراك تماما» وفق تعبيره.

وذكر أنه سيتوجه بعد أسبوع الى الجزائر «لألتقي هناك بأخواتي المتزوجات الثلاث، فقد اشتقت لهن كثيرا». وشرح أن عددا من دور النشر والصحف والتلفزيونات من أوروبا وكندا اتصلت به تحثه على تأليف كتاب عما حدث الأحد الماضي، حين أبعد عن فرنسا مأساة اغتيال رئيسها، وهنا مقالة شيلالي:

كمال قبيسي

* «أسئلة كثيرة تتزاحم في رأسك وأنت تمر تحت قوس النصر في جادة إيليزيه بباريس.. لحظات كلمح البصر تحول حياتك العادية الى شخص شاهدوه على شاشات التلفزيون وفي صحف العالم كله، حتى أصبح بائع الصحف في زاوية من الشارع يشير اليك وهو يتحدث الى زبائنه.

ابنة لويس فيتان (مصمم أزياء فرنسي راحل وشهير) وصاحبة «فندق إيليزيه» المعروف في الجادة الباريسية، ترجوك أن تقف بجانبها ليلتقط لكما أحدهم صورة، تقول إنها ستصبح أجمل ذكرى لها، بل لتعلقها على جدار في الفندق، قريبة تماما من لوحات رائعة رسمها والدها الراحل وتزين مدخل وقاعات الفندق الشهير في قلب جادة الاليزيه.

لا يزال يتردد في ذهنك رنين مكالمة الرئيس شيراك، وبشاشة وطلاقة كلماته التي تشعرك الى الآن بأنه كان يتحدث اليك كرفيق أو صديق.. مدن كثيرة تتزاحم في رأسك: أولاد جلال، الجزائر وفانكوفر ومونتريال، ثم تتلاشى المدن والبلدات رويدا رويدا لتلفها باريس تحت جناح أضوائها الباهرة وسحرها الخلاب، لكنك لا تنسى ما فعلت.

ها أنت تمر في موقع الحادث الذي غيّر حياتك عند بداية جادة الاليزيه، وقلب رأسا على عقب كل برامج رحلتك وعطلتك وتحضيراتك.. لم تكن تتصور كل هذه الشهرة وأنت المتعود على العمل خلف الكواليس، بعيدا عن الأضواء والصحافة، ومن دون أن يدري بك أحد.

كلمات الصحافي الكندي وهو يقول لك: «يا شيلالي، لقد غيّرت نظرة الملايين الى العرب بعد تفجيرات 11 سبتمبر» تتردد في ذهنك كصدى بعيد يقترب أكثر فأكثر.

تنظر أمامك ولا تفهم كيف يصبح ذلك العمل البسيط بالنسبة اليك رمزا للانسان العربي، فيمضي رؤساء التحرير في الصحف ويكتبون عن معنى ما فعلت.

تنظر وتتذكر ما قاله لك رئيس وزراء كندا عبر الهاتف من القارة البعيدة.. تتذكر أنه قال لك: «أنت بطل كندي، أنت عربي المولد، وجئتنا من الجزائر التي نفخر بصداقتنا لها.. أنت تحمل اسم محمد باحترام وافتخار، مع أن حاملي هذا الاسم في هذه الأيام يتعرضون للكثير من التشويش وعدم الاستيعاب، لكنك استطعت، أن عمل الانسان هو المهم».. لذلك فأنا سعيد، وكم أتمنى أن نكون كلنا سعداء».

* المواطن الجزائري الذي انقذ حياة الرئيس الفرنسي ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»