الكوارث اليومية

TT

منذ يوم أمس والصحافة العالمية ووسائل الاعلام مليئة بالكوارث على مختلف أنواعها حتى أنها طغت على الاخبار السياسية الاخرى ابتداء من استعدادات واشنطن لضرب العراق، وانتهاء بالهجمة الاسرائيلية البشعة في الاراضي الفلسطينية المحتلة. والسبب كالعادة، كما يقول الخبراء، ارتفاع درجة حرارة الارض والتلوث الذي بلغ ذروته في السنوات الاخيرة.

الخبر الاول الذي تصدر سائر الاخبار، الفيضانات التي اجتاحت العاصمة التشيكية براغ بشكل لم يسبق له مثيل منذ مائة عام، مما حدا ببلدية هذه المدينة التاريخية الجميلة اعلان حالة الطوارئ الشاملة، بعدما أغرقت المياه أكثر من 490 شارعا في 28 حيا، كما ان المياه اجتاحت أيضا أربع مناطق أخرى في جنوب البلاد وغربها.

الفيضانات ايضا ضربت مناطق أخرى من أوروبا كالنمسا ورومانيا والمانيا، وان كانت أقل شدة بقليل من تلك التي ضربت براغ.

والحديث عن الفيضانات يجرنا الى الحديث عن فيضانات أخرى كبيرة في مناطق أخرى من العالم، في الوقت الذي يضرب الجفاف مناطق أخرى قريبة الى حد احتمال الاعلان عن مجاعة عامة في البلاد. ففي كتمندو عاصمة النيبال أوقعت الفيضانات التي غمرت نصف البلاد عشرات الضحايا وشردت عشرات الآلاف من منازلها وسط حالة من الفوضى الشاملة.

ولم تنج إيران من هذه الموجة الغريبة من الفيضانات التي حدثت في الصيف، فتسببت في وقوع عشرات القتلى، فضلا عن خسائر مادية جسيمة.

والقصة ذاتها بالضبط تكررت في فيتنام والفلبين حيث اجتاحت السيول منطقة واسعة من البلاد زارعة الموت والدمار في كل مكان. لكن ما ان ننتهي من الحديث عن الفيضانات حتى تطالعنا الصحف ووكالات الانباء بخبر آخر يجثم على القلب عندما أعلنت دراسة أوروبية أن تدمير الغابات المطيرة الاستوائية، التي تشكل رئة هذا الكوكب المعذب، ما زال يجري على قدم وساق، وبمعدلات مفزعة، وإن كان أبطأ قليلا من السابق. فقد ذكر مركز البحوث الاوروبي ان معدل التباطؤ يبلغ 23% فقط لا غير، وهو ليس بالامر المشجع أبدا. إذ تذكر بيانات الامم المتحدة ان غابة مطيرة تبلغ مساحتها ضعف مساحة بلجيكا تختفي سنويا، وهي تعادل 0.5% من المساحة الاجمالية للغابات المطرية في العالم. والغابات المطرية هي المسؤولة عن التنوع الحيوي في الارض، والتخلص من الغازات المضرة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

في هذا الوقت تناقلت الاخبار أمس نبأ السحابة البنية التي غطت معظم القارة الآسيوية، وكانت السبب في الفيضانات المذكورة أعلاه، وفي تغيير المناخ فوق دول جنوب آسيا، وهي مؤلفة من السخام والدخان والقش والحوامض التي هي نتاج حرق الغابات، والعوادم التي تضخها المعامل والسيارات الى الفضاء الاعلى. كما تناقلت ايضا أخبار الجفاف والتصحر اللذين يغزوان افريقيا، حيث انسحب الغطاء النباتي من اغلبية البلدان الزراعية، وعلى رأسها روديسيا التي ستكون في نهاية العام الحالي قد استوردت 80% من احتياجاتها الزراعية والغذائية من الخارج.

يبقى القول ان مثل هذه الكوارث اصبحت حقيقة واقعة ستتكرر باستمرار نتيجة التسخين الحراري، فإن لم يبادر العالم الى اجراء جذري قريب، فإن الامر سيصبح متأخرا جدا، إن لم يكن قد حدث هذا فعلا.