الكراهية على النمط الأميركي

TT

بدت مقابلتي الصحافية التي اجريتها مع القس مات هيل، اكثر دعاة الكراهية تشددا في اميركا، بداية صعبة.

لقد تذكر هيل، وهو يتناول طبقا من سلاطة الفاكهة في مطعم هنا، في ايست بيوريا حيث مقره، حادثة وقعت له في طفولته، جعلته لاول مرة، يعتبر غير البيض آفة: لقد شاهد في حفل راقص فتيات من البيض «يخن جنسهن» بتقبيل اولاد سود.

وقال بحكمة: «اشعر بالغثيان. الزواج المختلط بين الاجناس ضد الطبيعة. هو نوع من معاشرة الحيوانات».

وبعدها بدقيقة، كشفت له انني خنت الجنس الابيض وتزوجت صينية اميركية. كانت لحظة اشعرتني بالقلق، لكن هيل، الشخصية الجذابة والكاريزمية والكريهة ايضا، لم يتأثر وابتسم، وللحظة شعرت بانه سيطلب رؤية صور اولادي.

لقد اتيت الى ايست بيوريا، بولاية الينوي، للقاء هيل، لانه اصبح الشخصية الرئيسية في مجتمع الكراهية الاميركي، واعاد تجديد العنصرية بتجنيد نساء واطفال سبقت ادانتهم، في منظمة ناشطة تستخدم التكنولوجيا المتقدمة، يظهر اتباعها نموذجا من القسوة العشوائية تجاه السود وغيرهم من «الاعداء».

سوف يكون وصفنا لجماعته بأنها «القاعدة» الاميركية، اطراء اكثر من اللازم، غير ان المخيف في الامر هو التفكير في ان المقارنة هذه سوف تشبع كبرياءه.

بعد احداث سبتمبر الماضي، اجريت مقابلات مع دعاة الكراهية المسلمين في الخارج، واردت مواجهة المتطرفين في ديننا. انهم لا يمثلون تهديدا للاستقرار الوطني، كما هو الامر في باكستان والسعودية، ولكنهم معتوهون مثل عناصر «القاعدة»، ويشاركون في اعمال عنف. وهو امر ينطبق بصدق على جماعة هيل، كنيسة الخالق العالمية، الذي اطلق اتباعه النار وطعنوا بالسكاكين واعتدوا بالضرب على السود واليهود والاسيويين الاميركيين في عدة ولايات.

يصف هيل الاعتداءات بانها مفهومة ولكنها حالات شاذة. وقال انه في الوقت الذي يعتبر فيه قتل الاعداء (بمن فيهم خونة العرق من امثالي)، امرا مبررا اخلاقيا، فإنه في الوقت الراهن غير مناسب تكتيكيا، ولا يحقق الكثير على اي حال.

ويقول بعصبية: «اذا ذهب شخص وقتل الليلة عشرة من السود فلا بأس، هناك ملايين منهم».

وقد درس هيل، البالغ من العمر 31 عاما، القانون. ونجح في جعل كنيسة الخالق العالمية منظمة دولية تضم اعضاء في 49 ولاية و28 دولة. وتدعي عضوية ما يتراوح بين 70 الفا الى 80 الفا، وتتفاخر في نشراتها الصحافية بانها «اسرع كنيسة عنصرية، بيضاء ومعادية للسامية في اميركا، نموا». ورغم ذلك فانها ليست دينية بالمعنى المفهوم للكلمة، فنظريتها الدينية تتلخص في شن حرب مقدسة عنصرية بالنيابة عن البيض. وتشن حملات تجنيد ناشطة، ووزعت 80 الف منشور الربيع الماضي، وتدير موقعا متقدما على الانترنت يحتوي على معلومات، على سبيل المثال، عن كيفية صنع قنابل بلاستيكية. كما يضم الموقع ركنا للاطفال.

يوجد في الولايات المتحدة العديد ممن يشبهون الملالي المهوسين. انظر الى المسيحيين التجديديين، الذين يريدون تطبيق قوانين العهد القديم، وحتى رجم الزناة والزنادقة حتى الموت. (نميل الى نسيان ان الرجم حتى الموت لم يذكر ابدا في القرآن، ولكن يتردد كثيرا في الانجيل والتطبيق الحرفي لسفر التثنية سيؤدي الى اعدام معظم الاميركيين).

وهيل ابن لرجل شرطة، وقد جاءه «الالهام» عندما كان في الثانية عشرة من عمره وقرأ «صعود وانهيار الريخ الثالث» و«كفاحي» لهتلر. وهو يمزج ذكاءه بتوجهات تجعل جلدك يقشعر.

فبعد مقتل الصحافي دانييل بيرل، كتب هيل يقول «لا يمكننا الاهتمام بموت هذا اليهودي الذي يعتبر، بالاضافة الى بقية جنسه الطفيلي، نوعا من الآفات اكثر خطورة من تلك التي تمشي على اربعة اقدام».

وتفاخر امامي بقوله: «لقد احدثنا ثورة في المجتمع العنصري بأكمله. كان الناس يفكرون في شخص له كرش ضخم، يبصق بسبب الدخان وقد فقد بعض اسنانه. اما الان فإنهم يفكرون في اشخاص ذوي ارادة وقادة ناشطين، ومتعلمين ومثاليين. نحن الافضل».

وكما كشف لنا تنظيم «القاعدة»، فإن الاشخاص الاكثر خطورة من المتعصبين الاغبياء هم الاذكياء المتعلمون.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»