انتبهوا إلى المشهد العراقي الأخير

TT

بينما يعرض الرئيس بوش حجة للاطاحة بصدام حسين أمام الامم المتحدة، يتحرك مسؤولون استخباراتيون اميركيون وبريطانيون بموازاته في التخطيط لشن حرب على العراق، ولنتائج هذه الحرب. ويتركز تخطيطهم الاستراتيجي على توقع ان صدام حسين يمكن، في نهاية المطاف، ان يعتمد على ولاء آلاف عدة فقط من المقاتلين الأشداء، وفقا لمسؤولين استخباراتيين اجريت مقابلات معهم الاسبوع الحالي. ويتوقع هؤلاء المسؤولون انه ما ان يبدأ الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة، فان زعماء العشائر العراقية، بل قادة بعض وحدات الحرس الجمهوري سيغيرون مواقعهم.

وكان التقييم الواقعي لأحد الاخصائيين بشؤون العراق يقول انه «ليس كل امرئ مستعدا للموت. وستنقلب وحدة واحدة من الحرس الجمهوري على الأقل». واضاف الاخصائي انه بين شيوخ عشائر المسلمين السنة القوية في العراق، فانه «ما ان يتضح لهم ان صدام راحل، حتى يغيرون ولاءهم».

وكان مسؤولو الاستخبارات، الذين قدمت لهم تفاصيل عن خطط الولايات المتحدة، يؤيدون، عموما، الحاجة الى ضرب صدام في الحال، بينما هو الآن ضعيف نسبيا. وقد ركزوا على ما وصفوه بـ«الفرصة» التي تقدم من جانب العراق وليس التهديد. وهم يخشون، في الواقع، ان تكون ادارة بوش، في حماسها لايجاد اساس منطقي للحرب، ربما قد بالغت في خطر الأسلحة النووية العراقية وصلاته بارهابيي القاعدة.

ويشكك المسؤولون الاستخباراتيون في تحذيرات الادارة الأخيرة من ان صدام حسين يمكن ان يكون على بعد أشهر قليلة من حصوله على قنبلة. وقال احدهم «ان ذلك يمكن ان يكون صحيحا فقط لو ان أحدا اعطاهم كل شيء عدا المفجر، وإلا فان الأمر على عكس ذلك». واوضح ان البرنامج النووي «ليس هو الأولوية» بالنسبة لصدام حسين، الآن، لأن القضايا اللوجستية صعبة، وتسهل مراقبتها نسبيا.

ورفض المسؤولون، ايضا، التكهنات التي أشارت الى ان المخابرات العراقية التقت مع ارهابي القاعدة محمد عطا في براغ قبل فترة قصيرة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال احدهم «إننا نبقى مقتنعين تماما بأنه لم يقع في براغ ما يمكن ان يشير الى صلة استخباراتية عراقية بالقاعدة». ولاحظ ان مسؤولي الأمن التشيك اتفقوا، الآن، على انهم ارتكبوا خطأ في تقاريرهم السابقة عن مثل هذا اللقاء.

وأشار أحد المسؤولين الى ان الخطر الأعظم الذي يطرحه صدام حسين هو الأسلحة البيولوجية التي تنقل عبر وسائل غير تقليدية مثل حقيبة السفر، او طائرة بدون طيار، او طائرة انتحارية. وقال «انه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وربما يفكر بأشياء يمكن ان ترعبنا».

وتكهن مسؤول استخباراتي آخر قائلا انه «بوسعكم ان تتخيلوا ان لدى صدام حسين شخصا يحمل حقيبة تحتوي على فيروس الجدري، وقد فتح الحقيبة في أحد انفاق نيويورك، قائلا ان امثاله موجودون في مختلف انحاء الولايات المتحدة، وانه ما لم تسحب واشنطن قواتها، فانه سيطلق كل الفيروسات».

ومن اجل الاطاحة بالنظام العراقي، يعتمد المخططون على ذخيرة من المشاعر المعادية لصدام، ناجمة عن واقع ان كل عائلة تقريبا في العراق باتت مصابة جراء وحشية اجهزته السرية.

وقال المسؤولون الاستخباراتيون ان مصادر معلوماتهم الخاصة داخل العراق حفزت الولايات المتحدة على تحطيم هذه السلطة، عبر توجيه ضربة الى زعامة الحرس الجمهوري الخاص لصدام ووحدات النخبة الأخرى التي تحتفظ بالهيمنة السياسية في المناطق الوسطى للمسلمين السنة.

ووفقا لما ذكره أحد المسؤولين الاستخباراتيين، فان رسالة وصلت من داخل العراق أخيرا تقول «اذا ما استطعتم شل اجهزته السرية، فاننا سنتحرك».

ولأنهم يعتقدون ان المشاعر المعادية لصدام قوية داخل البلاد، فان مخططي الحرب يناقشون كيفية احتواء اعمال الثأر والانتقام التي تأتي في اعقاب هجوم اميركي. ويخشى أحد المسؤولين من ان يتحول العراق الى «البوسنة».

وقد حذر أحد المسؤولين من انه «ما ان يجري تحرير البلاد، فان المشكلة الكبرى ستكون الأعمال الانتقامية». وقال انه لهذا السبب من الملح ان تتحرك الولايات المتحدة وحلفاؤها داخل البلاد بسرعة من اجل الدعوة الى عقد اجتماع لجمعية وطنية يمكن ان توفر لكل الجماعات الاثنية والدينية الشعور بأنها تتمتع بصوت معين تعبر به عن رأيها.

وقال المسؤولون الاستخباراتيون انه سيكون من المهم طمأنة المسلمين السنة، الذين يحكمون العراق في ظل صدام حسين، حتى على الرغم من كونهم يمثلون أقلية سكانية. وقد يعني ذلك ضمان العفو لافراد في الجيش، بل واعضاء في حزب البعث، ممن يتعهدون بدعم نظام ما بعد صدام.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»