بسمارك المهزوم الرابح

TT

«القرارات تتخذ في برلين، وليس في مكان آخر»

ـ غيرهارد شرويدر ـ

الديمقراطية العربية صندوق العجائب

سعيد واحد ينافس نفسه باستمرار

فيربح الرهان كل خمس سنوات

يحتكر جائزة التزكية

ويخسر جوائز الترضية

الديمقراطية الالمانية صندوق اقتراع

المهزوم يخرج منتصرا

الرابح يخرج مهزوما

كلاهما اعتمد على شريك اصغر

راهن غيرهارد شرويدر على الأخضر

وراهن ادموند شتويبر على الأصفر

ركب شرويدر مع يوشكا فيشر

كسب سائق التاكسي السابق سباق المسافات

فبقي شرويدر في مقعد المستشار

*

ألمانيا أعجوبة اقتصادية

خرجت من تحت الركام

فبنت نفسها من لا شيء

شعب منظم نشيط

صنع ازدهاره بعرق جبينه

وفر عملا لعماله

وعوض المتعطلين ضد البطالة

وضمن مواطنيه ضد المرض والشيخوخة

أوغلت ألمانيا في الرفاهية

فترهل الرخاء في بلادة

اقتصاد رابح في التصدير والتجارة

وخاسر في الإنتاجية

بلد لا يتنازل عن رفاهيته لإنعاش اقتصاده

ولا يتنازل عن مكاسبه لتجديد صناعته

*

هزمت أميركا ألمانيا

حررتها من الفاشية

وحمتها من الشيوعية

ورقصت معها «تانغو» الديمقراطية

فسلبتها عقلها السياسي

باتت أميركا وزيرة خارجية ألمانيا

عملاق جسده في أوروبا

وساقاه في الأطلسي

وقراره في البنتاغون والبيت الأبيض

*

كان هيغل يقول

«عندما تصطدم النظرية بالواقعية

فالواقعية تكون على خطأ»

أخطأت نظرية الفيلسوف

وانتصرت واقعية السياسي

جاء شرويدر على موجة «الوسط الجديد»

قدم نفسه كلينتون ألمانيا

فصرفت ألمانيا مستشارها كوهل

واختارت إصلاحية شرويدر

تغلبت الواقعية على النظرية

فطلق شرويدر الماركسية

طلق ثورة الستينات الشبابية

وطلق أيضاً ثلاث زوجات

عيرته الأولى بالأنانية

وصمته الثانية بالانتهازية

قالت عنه الثالثة إنه جبان

راهن منافسوه على مطلقاته:

«لا يمكن أن تكون ثلاث نساء على خطأ»

تزوج شرويدر امرأة رابعة

فصوتت له النساء قبل الرجال

وخرج العريس من صندوق 1998 مستشارا

*

«الديمقراطية الاجتماعية» آيديولوجيا براغماتية

لسانها مع البروليتاريا

وسهرتها مع مدراء الشركات

استعاد شرويدر ربطة العنق

ارتدى أزياء أرماني

دخن سيجار كلينتون

تعشى مع رجال «البزنس»

فترك ألمانيا كما وجدها

وضعها في متاهة الوسط

لا هو يقدر على التغيير

ولا هي تتخلى عن القديم

أنقذ بسمارك نفسه

اكتشف كراهية الألمان لأميركا وإسرائيل

فاستعاد عقل ألمانيا السياسي:

مع جهادية بوش ضد ابن لادن

مع نضالية صدام ضد الملا بوش

ومع بقاء بسمارك في مقعد المستشار