إرهاب الدولة

TT

اذا كانت المنظمات الفلسطينية هي منظمات ارهابية وخارجة على القانون برأي الحكومة الاسرائيلية، واذا كانت تلك المنظمات متهمة بقتل المدنيين الاسرائيليين، فماذا يمكن ان نسمي الحكومة الاسرائيلية وهي تستخدم الاباتشي لتقصف شارعا مزدحما بالسكان في ذروة حركة الاطفال الى مدارسهم وتقتل عددا من الابرياء من الاطفال وتجرح عددا كبيرا من المارة، ويكون مبرر ذلك هو اصطياد احد النشطاء من حركة حماس؟ وما هو الفرق بين هذه العملية واية عملية استشهادية في شارع مزدحم بالمدنيين في القدس او تل ابيب حتى لو تغاضينا عن حقيقة ان الفلسطينيين يقاتلون من اجل استقلالهم، والاسرائيليين يقاتلون لاستمرار احتلالهم لارض الفلسطينيين؟

لو قامت احدى المنظمات الفلسطينية بعملية لتصفية احد رموز الحكومة الاسرائيلية او كبار رجال الجيش في حي مزدحم، وفشلت العملية ولكنها تسببت في قتل وجرح عدد كبير من الاسرائيليين المدنيين، فهل ستعتبر اسرائيل مثل هذه العملية عملا ارهابيا، وما الفرق بين مثل هذه العملية، وقصف مدنيين في الشارع بحجة قتل احد النشطاء؟

رد الفعل الغربي عموما، والاميركي تحديدا على هذه العملية كان مخجلا، فلقد اصبحت الصورة واضحة، الصمت على مقتل المدنيين الفلسطينيين، والرد السريع والغاضب على مقتل المدنيين الاسرائيليين، والحال كذلك في وسائل الاعلام الغربية الكبرى، حيث مقتل مدنيين اسرائيليين هو موضوع رئيسي في نشرات الاخبار الرئيسية يتم تكراره بالصوت والصورة، بينما تمر محطات اخبارية كبرى على مقتل المدنيين الفلسطينيين مرورا عابرا، وهذا الحال يعطي الف مبرر ومبرراً للمنظمات الفلسطينية باستمرار الاعمال الاستشهادية ضد المدنيين الاسرائيليين، فهناك فعل ورد فعل، وهناك ملايين الناس تحت الاحتلال والقمع يتعرضون لعمليات ارهابية ضد المدنيين وهم في طريقهم الى اعمالهم في الشارع وتتم مثل هذه العمليات عبر سلاح الجو الاسرائيلي وطائرات الاباتشي، وبموافقة الحكومة الاسرائيلية، وهو وضع يفتح ابواب جهنم لكل احتمالات القتل، والقتل المضاد.

سيظل العنف سيد الموقف ما دام الاحتلال قائما، وسيكون من المستحيل ان يتم الصمت عن جوهر الازمة وهو الاحتلال، والحديث عن قضايا هامشية كالترتيبات الامنية وغيرها، وفي الوقت نفسه يطلب من الضحايا ان يتفرجوا على القاتل، واحيانا مطلوب منهم ان يلقوا بالزهور على الجيش المحتل بينما تمارس الدولة الاسرائيلية الارهاب المنظم بدم بارد.