الانتخابات المغربية: متدينات وأميات

TT

كما يقول المثل «تستطيع ان تجر الحصان الى النهر لكنك لا تستطيع ان تجبره على ان يشرب منه»، وهذا هو حال المرشحات العربيات في الانتخابات، بما فيها الانتخابات المغربية، تستطيع وضعهن على قائمة الترشيح لكن لا تستطيع إجبار الناس على التصويت لهن. وسبق ان فشلت محاولات دفع المرأة الى الامام في تجارب انتخابية في مصر والبحرين وقطر والاردن، واضطرت الحكومات الى التدخل لمنحها مقاعد بالتعيين على امل ان تثبت انها تستطيع ان تصرخ وتعترض وتطالب بحقوق ناخبيها. وعندما واجه المغاربة الترشيحات النسائية بالإعراض، تدخلت الدولة هذه المرة فضمنت للنساء عشرة في المائة من مقاعد البرلمان. فهي تريد ان تنتخب المرشحات ايضا، تعميما لتمثيل المجتمع بألوانه واجناسه، كما ترى ان النساء شريكات في الحياة الاجتماعية، وبالتالي لهن ان يصبحن شريكات في العمل السياسي، لكن رغم محاولات النظام والاحزاب السياسية جر النساء الى قوائم المرشحين، فإن إقناع الناخبين والناخبات بالتصويت لهن يواجه عادة بالرفض، رغم وجود سيدات دخلن معترك السياسة واثبتن كفاءتهن. وسيستغرق تجاوز هذه العقبة وقتا طويلا كما حدث في معظم المجتمعات الاخرى.

في المغرب عندما وضع المشرعون فكرة تخصيص مقاعد برلمانية مضمونة للنساء المرشحات، بلغ عدد السيدات المنافسات على لوائح الاحزاب نحو سبعمائة امرأة، وهذا رقم كبير جدا، وإن كان يمثل نسبة صغيرة نحو خمسة في المائة فقط بين عدد المرشحين.

سجلت ملاحظتين في متابعتي لما قيل وكتب في دخول المرأة ساحة التنافس الانتخابي في المغرب، اولاها دخول المتدينات والثانية ايضا انخراط الأميات. واعتبرها دلالة ايجابية على ان تدخل المرأة المتدينة العمل السياسي لأنها تفتح الباب امام غيرها، فتحلله لبنات جنسها وتطمئن الناخبين على ان نساء السياسة لسن اقل احتراما من بنات المهن المحترمة الاخرى.

وكانت مفاجأة اثارت غضب البعض من ان اللاتي تقدمن عند فرز الاصوات الانتخابية لم يكن الا منتسبات للحزب الاسلامي «العدالة والتنمية». وهو الحزب الذي كان يظن انه يتبنى فكر «مكان المرأة هو البيت» ويحرم الرجال مشاركتها في السياسة، فهل هي فرية ضد الحزب ام انها حيلة منه لدخول الساحة من النافذة بعد ان اوصد الباب جزئيا في وجهه؟ لا يهم إن كان مبدأ أم تكتيكا، طالما ان المتدينين يشاركون ويدفعون المرأة للعمل السياسي وليس للاحزاب الاخرى إلا ان تشرع ابوابها لهذه الفئة.

الملاحظة الثانية التي اثارت انتباهي هي انه في الوقت الذي يركز فيه المتابعون على مكانة المرشحات العلمية ويفاخرون بحساب درجات شهاداتهن، اذ ان اكثر من ستين في المائة منهن يحملن شهادات جامعية، فان النجاح الحقيقي هو دخول نساء غير متعلمات حيث قدرت نسبتهن بثلاثة في المائة بين المرشحات. ان انخراط اميات في معترك الترشيح اكثر اهمية لأنه يعبر عن الوعي السياسي وارتفاع ثقتهن بمجتمع اعتاد على النظر بدونية لغير المتعلمين.