صحافي إسرائيلي في لبنان!

TT

لم يكسب لبنان او الوسط الصحافي في بيروت شيئا من الضجة التي اثيرت حول الصحافي الذي قيل انه يحمل جنسية مزدوجة اسرائيلية فرنسية واكتشف انه بث تقريرا من بيروت الى قناة تلفزيونية اسرائيلية بعد ان جاء ضمن الوفد الصحافي المرافق للرئيس الفرنسي جاك شيراك لحضور قمة الفرانكفونية.

على العكس من ذلك فان هذه الضجة التي اثيرت بما تبعها من ردود فعل مثل منعه من دخول المركز الصحافي او تغطية فعاليات القمة، وعزله في غرفته الى ان تم نقله الى الاردن، أعطت صورة سلبية عن طريقة التعامل مع الصحافة.

وبدون شك فان الذين نظموا الاحتجاج على وجود الصحافي وبثه تقارير الى قناة تلفزيونية اسرائيلية من بيروت لديهم وجهة نظر وهي ان لبنان قانونيا في حالة حرب مع اسرائيل ويقاطعها ويمنع اي تعامل معها، وعلى هذا الاساس فان وجود الصحافي يتعارض مع قوانين البلاد.

اما وجهة النظر الاخرى التي لم تشعر براحة من هذا التصرف مع الصحافي فهي انه جاء ضمن وفد فرنسي لتغطية فعاليات قمة فرانكفونية، وهي حدث دولي وان جرى على ارض لبنان، ولم يأت باسرائيلي، كما يفترض ان يكون قد دخل بجواز سفر فرنسي، وبالتالي فان دخوله قانوني ولتغطية حدث معين، ولأن الصحافيين تقاريرهم منشورة او مذاعة فيفترض ان ارتباطاته الصحافية معروفة للجهات التي منحته التأشيرة قبل دخوله الى لبنان.

يضاف الى ذلك ان منع صحافي من ممارسة عمله لأي سبب، لن يلقى بالقطع ترحيبا او تفهما من الصحافة الدولية او الصحافيين الاجانب الذين جاءوا لتغطية القمة الفرانكفونية في لبنان. فالصحافي اذا كان اسرائيليا او بث تقريرا مباشرا لقناة تلفزيونية اسرائيلية اثبت ان لديه الشجاعة لأن يذهب حتى الى مكان قد يواجه فيه اخطارا من اجل ان يمارس مهنته، وهو بالتالي بالنسبة لمفاهيم وقواعد المهنة المتعارف عليها دوليا مارس مفهوم حرية الصحافة، بينما في لبنان مورست عليه الرقابة، وقيدت حريته في ممارسة عمله، ولا احد سيشعر بأن هناك اي خطورة او ضرر حتى في ان يتلقى تلفزيون اسرائيلي تقريرا من بيروت في عصر الفضائيات والانترنت والفضاء الاعلامي المفتوح.

ولا يجب ان تكون هناك اية اوهام في ان تصرفاً من هذا النوع سيلقى اي تفهم من الصحافة العالمية، وبالتالي فان خسائر هذا الموقف تتعدى المكاسب التي كان اصحاب الحملة ضد الصحافي يتوخونها من ايصال أصواتهم بأنهم غاضبون من اسرائيل.

فمن حقنا ان نغضب من اسرائيل لممارساتها ضد الفلسطينيين، لكن من حقنا ايضا على انفسنا ان نتصرف بحكمة وبما يجعل العالم يقف معنا وليس ضدنا، وحتى ان نسعى الى كسب الرأي العام الاسرائيلي الى صفنا، وليس دفعه لأن يصبح اكثر تطرفا وميلا لسياسات حكومته.