الحركات الإندونيسية تؤيد حكومتها

TT

سارع رئيس جماعة نهضة العلماء، أكبر المنظمات الإسلامية في إندونيسيا، الى مسايرة السلطات الاندونيسية في ملاحقتها المشتبه فيهم، والتضييق على الجماعات المتطرفة، ضمن ما يسمى بنظام اجراءات مكافحة الارهاب. وبررت الجماعة موقفها بان الإجراءات التي أقرتها الحكومة ضرورية للحيلولة دون وقوع مزيد من الهجمات.

وهناك اكثر من منظمة عمدت الى الشيء نفسه، ألا وهو التفريق بين وجودها الفكري الاسلامي المعتدل وبين الجماعات المتطرفة، وذلك لعلمها جيدا ان الابتعاد عن هذه الفئة هو الحل الوحيد لإنقاذ مشروعها الاسلامي. فالذي يدفع الى تهشيم الفكر الاسلامي الحديث ليس القوى الغربية او الاصولية المسيحية او اليهودية بل تأتي الطعنات بالدرجة الاولى اليوم من الجماعات الاسلامية المتطرفة التي تبغض الناس في الاسلام وتقدم الادلة التي تنشدها الفئات الاخرى المعادية على انه دين الكراهية والدم.

هذه التنظيمات الضخمة، مثل «جماعة نهضة العلماء» الاندونيسية، التي تعمل في ساحة حجمها اكثر من مائتي مليون نسمة، هم سكان البلاد المسلمون، تدرك ان الخطر الذي يهددها داخلي وهو الاجنحة المتطرفة التي تستعدي النظام والعالم ضدها. وجاءت حادثة اعتقال الزعيم الاصولي الاندونيسي ابو بكر بشير دليلا على ان حركته وحركات مماثلة لا تفهم حجم القوى على الأرض بل تصغي دائما لرجع صداها. فاتباع ابو بكر، الذين يحرضونه على التطرف، هددوا الحكومة الاندونيسية انها اذا عمدت الى اعتقاله فان العاصمة جاكارتا ستموج بالبشر الذين سيسقطون الحكومة في نهار واحد. الشرطة قامت باعتقاله ولم يخرج الى الشارع سوى بضعة افراد تظاهروا ثم عادوا الى بيوتهم، وبقي ابو بكر محبوسا في مستشفى في انتظار التحقيق في علاقته بتفجيرات وقعت قبل عامين.

هذا هو واقع الحال في نحو اربعين دولة اسلامية تواجه نموا متزايدا للاصوات المتطرفة التي تديرها تنظيمات تريد فرض آرائها بالقوة، واهمة انها ستقلب العالم رأسا على عقب اذا جوبهت بنفس منطق القوة. اما في اندونيسيا فقد تجنب اسلاميوها الوقوع في فخ تأييد المتطرفين واختاروا الوقوف الى جانب النظام لتحقيق هدفين، اولهما التخلص من المزايدين عليهم اسلاميا اي المتطرفين، والثاني النجاة من عاصفة الملاحقة والتصفية التي هي في بداياتها.

واذا كان اكبر تنظيمين اسلاميين في اكبر دولة اسلامية في العالم قد اختارا موالاة الحرب على التطرف، فهل يعقل ان معظم التنظيمات الاسلامية في دول عربية صغيرة تريد ان تمتشق سيوفها رافضة الدعوات التي تنصحها بالابتعاد عن طروحات ومعسكرات المتطرفين؟ أليس الاجدر بالمعتدلين ان يقودوا الساحة اليوم انقاذا لوجودهم لأن معاضدتهم للمتطرفين ستنتهي بالحال ضدهم؟ فكثير من المنافع التي امتلكوها وبنوها في السنوات العشرين الماضية يمكن لها ان تذوب، مثل بيوت الرمل، اذا تكالبت عليهم القوى المحلية والخارجية.