شيراك.. زيارات المجاملة

TT

قام الرئيس الفرنسي شيراك بنشاطات عربية كثيفة فقد حضر قمة الفرنكفونية ثم زار الاردن وسورية والتقى بالملك عبد الله والرئيس الأسد، وهي خطوة لافتة وان جاءت متأخرة، فأوربا غائبة عن العالم العربي، واوربا تترك للولايات المتحدة حرية التصرف كاملة بملف الصراع العربي الاسرائيلي. وزيارة شيراك تشكل القاء الحجر في بحيرة ساكنة حيث تتفرج اوربا على العالم العربي رغم ارتباطات الجغرافيا والتاريخ، ورغم ان بريطانيا الاوربية اعطت ارض فلسطين من خلال وعد بلفور، ورغم ان ملايين من اصل عربي يشكلون نسبة من سكان دول اوربية عديدة على رأسها فرنسا، ورغم توقيع اتفاقيات شراكة اوربية مع العديد من دول البحر المتوسط العربية، ورغم ارتفاع نسبة التبادل التجاري العربي مع القارة الاوربية.

امام اوربا طريق وحيد لكسب ود المنطقة العربية كلها، وتحسين علاقاتها السياسية والاقتصادية معها، وهو طريق يتفق مع السياسات الاوربية المعلنة ومع مفهوم الحريات التي تدافع عنها الدول الاوربية، وهو طريق يتفق مع المنطق ومفاهيم حقوق الانسان ومع قرارات الشرعية الدولية، وذلك هو اتخاذ موقف عادل ـ ليس اكثر ـ تجاه الصراع العربي الاسرائيلي والوقوف بوضوح وصراحة مع قرارات الشرعية الدولية وارغام الاسرائيليين على الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة، والضغط عليهم لوقف جرائمهم اليومية ضد المدنيين.

اي موقف دولي واضح مع الحق والعدل سيدفع العرب ـ كل العرب ـ الى الاندفاع نحو اوربا، فهناك شعور قوي بأن اميركا تمارس سياسة منحازة وغير اخلاقية تجاه القضية الفلسطينية وهناك شعور بالاحباط من السياسات الاميركية، والعرب بحاجة الى قوة بحجم اوربا تقف موقفاً عادلاً، وتضغط باتجاه تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ولو حدث ذلك فان تغيرات اقتصادية وسياسية كبرى ستشهدها العلاقات الاوربية العربية.

زيارات المجاملات والبروتوكولات لا تخلق سياسة دولية فاعلة، ولا بد من موقف اوربي مستقل تجاه الصراع العربي الاسرائيلي، ولا بد من موقف عادل واخلاقي، وعندها سيكون العرب كلهم فرنكفونيين وكومنولثيين بعد ان تعبوا من سياسة اميركية منحازة لا ترى الا بعين واحدة.