ربط العراق بـ «أوكلاهوما»

TT

لو رصد صدام حسين واسامة بن لادن عشرات الملايين من الدولارات، لما وجدا شركة علاقات عامة تقوم بتسويقهما في العالم مثل السياسيين الاميركيين. هذا الهوس بهما ومخيلتهما وحنكتهما جعل الولايات المتحدة بمثابة آلة دعائية لهما. لا احد يشك بكمية الشر الكامنة في كل منهما، وفي الوقت نفسه يعرف الذين يعرفون، جنون العظمة الذي يتحكم بالرجلين، فمدينة بابل التي بناها نبوخذ نصر، امر صدام حسين العمال العراقيين ليحفروا على كل حجر منها عبارة «من نبوخذ نصر الى صدام حسين»، لقد اراد ابتلاع التاريخ ليمتد عبره فقط وربما ليتوقف عنده، اما اسامة بن لادن فقد كشفت اشرطة الفيديو «احترامه الزائد» لشخصه، بحيث كانت الكاميرا ترافق لحظة خروجه من الكهف وسط حراسه، لينتشي وهو يرى عمليات الخطف الوهمية التي يقوم بها اتباعه، ثم وهو يسرد تحليلاته غير المنطقية للواقع. ومن المؤكد ان الاثنين ما كانا يحلمان، وان كانا يتمنيان، ان تصبح الولايات المتحدة وسيلتهما لدب الرعب من تخطيطاتهما في كل انسان.

الآن، طلع علينا مساعدو المدعي العام الاميركي جون اشكروفت بقصة عجز شرلوك هولمز عن تخيلها، وبدأوا يضغطون على جهاز الـ «اف بي آي» ليحقق بعلاقة العراق بتفجير اوكلاهوما! وهم يقولون ان جنودا عراقيين جندوا تيموثي ماكفي وتيري نيكولز لتفجير المبنى الفيدرالي في اوكلاهوما.

لقد اعتمد مساعدو اشكروفت على ملف اعدته محررة تلفزيونية سابقة تدعى جاينا دافيس، التي لم تستبعد تورط عراقيين وفلسطينيين متطرفين و«ربما عناصر من القاعدة» في تفجير اوكلاهوما.

وما دفع دافيس الى البدء في جمع المعلومات منذ 7 سنوات، انها كانت اول صحفي وصل الى مكان الانفجار، واستمعت الى الناس يقولون انهم رأوا شبابا شرق اوسطيين يفرون في شاحنة بنية اللون قبل دقائق من الانفجار. ورغم انه القي القبض على ماكفي ونيكولز خلال ايام واعترفا بان كراهيتهما للسلطة التي تتهاون تجاه غير البيض وتجاه اليهود، ورغم ان ماكفي تبادل الرسائل مع غور فيدال (الكاتب الاميركي الشهير) وأُعدم بعد محاكمة علنية، وحُكم على نيكولز بالسجن المؤبد، تقول دافيس ان شهود عيان اخبروها عن متورط ثالث اسود الشعر. وهي اكتشفت ان الشاحنة البنية اللون كان يملكها فلسطيني ذو سجل اجرامي، على علاقة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وانه جند عددا من الجنود العراقيين السابقين للعمل في كاراج يملكه، وانهم تغيبوا جميعا يوم انفجار اوكلاهوما، واحتفلوا في المساء! وما اثار انتباهها وجود عراقي يعيش في مدينة اوكلاهوما تنطبق اوصافه على المتورط الثالث الاسود الشعر، وان على ذراعه اليسرى وشم يشير الى انه جندي في الحرس الجمهوري العراقي! وتؤكد دافيس ان شهودا رأوه جالسا مع ماكفي في بار احد الموتيلات قبل 4 ايام من انفجار اوكلاهوما. وكي تزيد من الاثارة في ملفها، تقول ان العراقي نفسه عمل لاحقا طباخا في مطار لاغون في بوسطن، وهو المطار الذي اقلعت منه احدى الطائرات التي فجّرت مركز التجارة العالمي.

وتعود دافيس الى بار ذلك الموتيل في اوكلاهوما، لتقول انه شهد لقاء حاسما بين محمد عطا الذي قاد عمليات تفجير مركز التجارة العالمي وزكريا موسوي الذي ينتظر المحاكمة.

اذا كان صدام حسين، بمثل هذه القوة التي يخيف بها العالم، فكيف نتوقع من الشعب العراقي ان يثور عليه ويطيح به، او ان يتخيل ان ما يحلم به سيتحقق، وهو ان يأتي من ينقذه من صدام حسين؟

وبالنسبة الى بن لادن، فهل انه منذ 1995 يقوم بعمليات ارهابية فوق الارض الاميركية، في وقت كانت لا تزال الادارة الاميركية «تحاور» الطالبان؟ واذا كان هدف المسؤولين الاميركيين موجها للرأي العام الاميركي فانهم بهذه الوسيلة يقلقون العالم كله ولا يرون ما تقوم به مجموعات متطرفة ارهابية اخرى، ويفقدون مصداقيتهم خصوصا بعدما كرر نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، ما كتبته اولا صحفية تركية مقيمة في اميركا، عن لقاء محمد عطا بمسؤول امني عراقي في براغ، ليأتي الرئيس التشيكي فاكلاف هافل ويبلغ الرئيس الاميركي ان هذا غير صحيح.

ليس من مصلحة اميركا ان تكون الاجهزة الامنية التشيكية صادقة مع رئيسها، ولا تكون اجهزتها الامنية في نفس المستوى.