عقدان متميزان

TT

مرور واحد وعشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز، الحكم في المملكة العربية السعودية، مناسبة تستدعي وقفة تأمل هادئة في مسيرة عقدين من الزمن كانا بالتأكيد غير عاديين، اقليميا ودوليا.

على الصعيد الاقليمي، شهدت المنطقة أحداثا سياسية وعسكرية متسارعة تركت بصماتها على اوضاع الشرق الاوسط، بدءا بالحرب العراقية ـ الايرانية، والحرب الاهلية اللبنانية، وانتهاء بالاجتياح العراقي للكويت في الثاني من اغسطس (آب) 1990.

وعلى الصعيد الدولي كان العقدان المنصرمان شاهدين على تحولات عالمية تجاوزت معظم التوقعات السياسية، سواء على صعيد انهيار الاتحاد السوفياتي، أو تحقيق الوحدة الالمانية، وصولا الى الهجمات الارهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة في عقر دارها، بما مثلته تلك الهجمات من بروز خطر جديد يتمثل في الارهاب الدولي.

وسط هذه التحولات الاقليمية والدولية كانت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الدولة المواكبة للحدث، والمدركة لابعاده العربية والاقليمية، ومن ثم حضورها الفاعل والمؤثر عربيا ودوليا. وفي هذا السياق، كان للسعودية مساهمتها الفعالة في وقف الحرب الاهلية في لبنان، وهي المساهمة التي توجت بالتوصل الى اتفاق الطائف سنة 1989. وعندما فوجىء العالم العربي باجتياح العراق للكويت، وما ترتب عليه من تداعيات نتجت عن اصرار الحكم العراقي على ادارة الظهر لكل محاولات الحل السلمي للأزمة، كان للسعودية دورها الأساسي في التحالف الدولي الذي حقق بنجاح تحرير الكويت. واذا كان الدور السعودي تجاه القضية الفلسطينية معروفا عبر تاريخها الطويل، فان العقدين الماضيين شهدا تعزيزا لهذا الدور باشراف خادم الحرمين الشريفين، الذي بادر الى تقديم مشروع سلام في بداية الثمانينات حمل اسم الملك فهد، وبالاضافة الى دعم الانتفاضة الفلسطينية واسنادها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، حرصت السعودية على مواكبة المتغيرات والتصدي لمخطط التصفية الاسرائيلية للانتفاضة الفلسطينية بطرح جريء لمفهوم السلام العربي تمثل في المبادرة التي تبنتها القمة العربية في بيروت في مارس (آذار) الماضي.

وعلى الصعيد النفطي لعبت السعودية في العقدين الماضيين دور الدولة المراعية لمصلحة المنتج والمقدرة، في الوقت نفسه، لمعطيات السوق العالمية وتقلباتها، ونفذت خطة نموذجية في تقديم المساعدات الاقتصادية والانسانية للعالمين العربي والاسلامي فاقت قيمتها 155 مليار دولار.

ومن البدهي ان دور السعودية وحضورها اقليميا ودوليا خلال العقدين المنصرمين لم يكونا على حساب مواصلةمسيرة التنمية الداخلية بوتيرة حققت نقلة عمرانية وحضارية مدروسة وسريعة.

وإذا كانت توسعة وعمارة الحرم المكي والمسجد النبوي شاهدا على ادراك الحاجات المستقبلية لموسم الحج، وحرص السعودية على توفير الراحة للحجيج، فإن الواقع المرئي لشمول العمران كافة ارجاء السعودية يبقى الشاهد الحي على انجازات هذه الفترة التي شهدت الى جانب الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية، اهتماما شخصيا من الملك فهد بتطوير اداء مؤسسات الدولة واجهزتها، فكان صدور النظام الاساسي للحكم، وتشكيل مجلس الشورى، فضلا عن متابعة المسيرة التطويرية في مختلف المرافق والمناطق.