باكستان: العودة إلى الحكم المدني

TT

بنجاحه في التمسك بالجدول الذي وضعه لنفسه قبل ثلاث سنوات عندما استولى على السلطة بانقلاب ابيض، بدد الرئيس الباكستاني برويز مشرف شكوك المتشائمين. فقد وعد مشرف بالعودة للعمل بنظام الانتخابات والحكم المدني في باكستان خلال ثلاث سنوات ووفى بوعده، اذ اقيمت انتخابات وطنية الشهر الماضي وعينت هذا الاسبوع حكومة مدنية برئاسة مير ظفار الله خان جمالي الذي ادى القسم.

ربما يصل المتابع للتطورات في باكستان الى خلاصة مفادها ان الوضع في باكستان حتى الآن على مايرام. ولكن لا يزال هناك العديد من الاسئلة.

اول هذه الاسئلة يتعلق بما اذا سيفرد مشرف، الذي انتخب رئيسا للبلاد لمدة خمس سنوات مقبلة، مساحة كافية امام جمالي ليعمل فيها كرئيس وزراء موثوق به.

ربما يكون لدى جمالي، الذي يعتبر اول رئيس وزراء لباكستان متحدر من مجموعة بلوش العرقية، الكثير من النوايا الحسنة، لكنه يواجه مهمة ليست سهلة عندما يتعلق الامر بشغل قيادة الحكومة الباكستانية في هذا الوقت الصعب.

السؤال المهم الآخر يتلخص في ما اذا ستكون الحكومة الجديدة، وبالتالي البرلمان الجديد، متمسكة بالحرب ضد الارهاب كما هو الحال بالنسبة لمشرف خلال الفترة السابقة. اذ من المعتقد ان مئات، ان لم يكن آلاف الارهابيين المرتبطين بحركة طالبان وتنظيم «القاعدة» يختبئون في اجزاء متعددة من باكستان. فوجود هؤلاء يشكل خطرا دائما على استقرار الحكومة الباكستانية التي كونها جمالي. اذا لم يزل هذه الخطر لن تستطيع باكستان في الغالب تأمين مستوى الاستثمارات الاجنبية التي تحتاجها للإبقاء على ادائها الاقتصادي القوي الحالي.

انتخابات الشهر الماضي عكست صورة غير واضحة عن الرأي العام في باكستان، فالفوز الذي توقع الكثيرون ان يكون ساحقا لمصلحة المتشددين الاسلاميين لم يحدث، اذ ان مجموعات معتدلة فازت بأربعة اخماس المقاعد في المجلس الوطني. كما سيطروا ايضا على رئاسة ثلاث حكومات اقليمية من اصل اربع حكومات.

مع ذلك، فإن انقسام المعتدلين الى ستة احزاب، الى جانب الكثير من المجموعات المستقلة، يقلل من فعاليتها في مواجهة التحدي المتزايد من المتشددين الاسلاميين.

يجب على جمالي ان يقدم خطة لإعادة البناء الوطني توحد كل المجموعات المعتدلة بما في ذلك المجموعات ذات الطبيعة الاسلامية، اذ ينبغي عليه ان يكون إجماعا واسعا حول عدد من القضايا الرئيسية، مما يسمح لباكستان بالتركيز على اصلاحات اقتصادية واجتماعية كان من المفترض ان تطبق قبل سنوات.