علاقات عامة انقلبت لكارثة

TT

انقلبت حملة العلاقات العامة التي كانت تنوي الحكومة النيجيرية ان تشنها لتحسين صورة البلاد عالميا الى كارثة اضرت بها كثيرا بعد ان تسببت مسابقة ملكة جمال العالم في اضطرابات راح ضحيتها حوالي 200 قتيل و1200 جريح بينما اصبح 12 الفا بدون مأوى واضطروا الى ترك مساكنهم بسبب الصدامات الدامية بين المسيحيين والمسلمين.

وليس غريبا ان تثير مسابقة ملكة جمال العالم احتجاجات او مشاكل، فهي مسابقة يدور حولها الكثير من الجدل، والحركات المدافعة عن حقوق النساء في الدول الغربية تنتقدها، كما يحدث الان بعد ان تقرر نقل المسابقة من نيجيريا الى لندن، وهي كانت اثارت احتجاجات ايضا عندما اقيمت في الهند، لكن الغريب ان تصبح الاحتجاجات بهذه الدموية، وان يستمر القتل والعنف حتى بعد ان يتم نقل المسابقة، وهي في النهاية مناسبة او مسابقة عالمية يمكن لمن لا تعجبه ان يتجاهلها.

وقد بدأت مسابقة ملكة الجمال التي كانت مقررة في نيجيريا بمشاكل من الاصل مع دعوات خارجية الى الغائها او نقلها في اعقاب حكم بالاعدام على امرأة رجما بالحجارة في احدى الولايات النيجيرية بتهمة الزنا، الامر الذي اثار احتجاجات من جمعيات المرأة ومنظمات حقوق الانسان.

وحقيقة الامر ان المشكلة في نيجيريا التي تعد اكبر دولة افريقية سكانا ( 125 مليون نسمة) اكثر عمقا وتجذرا من مجرد مسابقة ملكة جمال اثارت احتجاجات متشددين او رافضين لها، فتاريخ البلاد الحديث مليء بالمصادمات الطائفية بين مسلمين ومسيحيين هناك، وحتى تعداد السكان غير دقيق، فأحدث احصاء يقسم التوزيعة السكانية كان في عام 1963 ويظهر ان هناك نسبة حوالي 47% من السكان من المسلمين خاصة في الولايات الشمالية التي تسيطر عليها قبائل الهاوسا بينما 35% مسيحيون يتركزون في الولايات الجنوبية، والبقية ديانات اخرى، وقد تسببت الانقسامات الطائفية في مصادمات كثيرة كانت حصيلتها دامية ويعود تاريخ بعضها الى عام 1980 عندما اوقعت هذه المصادمات نحو 4 الاف قتيل في مدينة كانو من الجانبين.

ويرصد كثيرون تصاعدا في الاتجاهات المتشددة الاسلامية كما هو في الاتجاهات البروتستانتية المسيحية، فالتطرف يولد تطرفاً، وتجاهل المشكلة او دفن الرؤوس في الرمال لا يعني انها ستذهب او تحل نفسها بنفسها.

وبما ان نيجيريا بعيدة او انها ليست على الاجندة العالمية او في تقاطع مع مصالح قوى مؤثرة كما يبدو، فان الاهتمام ضعيف بالمشاكل التي تتفاعل هناك، والتي وصلت الى حد التباين في انظمة تطبيق القوانين داخل الدولة الواحدة، وهي ان استمرت على هذه الوتيرة فانها ستصبح بؤرة تصدير مشاكل، او قد تصبح افغانستان اخرى ما لم يكن هناك اهتمام بمعالجة مشاكلها من الداخل والخارج.