«أنتو فهمتونا غلط»

TT

صحيح ان اطلاق النار لم يبدأ بعد، لكن الحرب الفعلية قد بدأت ضد النظام العراقي، فالحشد العسكري الضخم وخاصة في مجال حاملات الطائرات والمناورات الكبيرة، والتنسيق الذي اصبح واضحا بين الولايات المتحدة واغلب جيران العراق في المجال العسكري، وانتهاء التنسيق بين الاطراف الفاعلة في المعارضة العراقية مع اميركا وعدد من جيران العراق، كلها عوامل تؤكد ان الحرب قد بدأت وان الجميع ينتظر قرار بدء اطلاق النار.

ما زال هناك امل في سيناريوهات اللحظة الاخيرة، وهي سيناريوهات تتفاوت بين ما هو واقعي وما هو اشبه بالحلم، فهناك سيناريو الانقلاب العسكري في بغداد حيث وصلت الى المؤسسة العسكرية العراقية رسائل واضحة بان بيدها انقاذ البلد، وان اي انقلاب يستهدف النظام سيجد له تأييدا عالميا من الجميع بما في ذلك اولئك الذين يعارضون العمل العسكري. وهناك سيناريو «الرصاصة الفضية» حيث تتم تصفية الحاكم في اللحظة الاخيرة على يد اطراف قريبة منه. وهناك سيناريو الاستقالة واللجوء الى مكان آمن حيث سيتسابق الكثيرون في المساهمة في هذا السيناريو.

اذا لم تحدث اية مفاجأة فان الحرب قد اصبحت واقعة، وهي حرب ستثبت الأيام انها حرب خاطفة حيث تختل موازين القوى بين الطرفين، بشكل هائل، وحيث ستسيطر التكنولوجيا المتقدمة على المدفعية اللفظية الثقيلة.

كل ما يهمنا ان يجنب الله الشعب العراقي مزيدا من التضحيات، فقد كان العراقيون حطبا لحروب شنها النظام في كل اتجاه من شمال العراق الى ايران الى الكويت باستثناء جبهة اسرائيل، وتسببت هذه الحروب في قتل وجرح واعاقة وتشريد الملايين من العراقيين، وكل املنا ان تكون هذه آخر الحروب بعد ان تم تدمير ثروات العراق واستنزافه واذلال اهله، وتدمير بنيته التحتية وتشريد ابنائه وتحطيم مؤسساته.

حفلة النفاق العربي، وحفلة ذرف دموع التماسيح على الشعب العراقي، وحفلة الخلط بين تحرير العراق وبين ضرب النظام ستنتهي في اللحظة التي يسقط فيها نظام بغداد، وسنجد عندها العجب العجاب وخاصة عندما يتحول المدافعون عن نظام بغداد الى نظرية «انتو فهمتونا غلط»، معتقدين ان ذاكرة العراقيين ضعيفة، وسنجد مواقف عربية تثير السخرية ومتناقضات لا يستطيع عاقل ان يجد ما هو مشترك بينها، فلقد شهدنا مثل ذلك في مناسبات عديدة لسبب بسيط هو اننا نرفض ان نتعلم من اخطائنا.