أحزاب.. ولافتات!!

TT

ازمة حزب الاحرار المصري هي حلقة في سلسلة ازمات تعيشها كل الاحزاب المصرية، فعلى رئاسة حزب الاحرار يتنافس ثلاثة زعماء، قاموا بثلاثة انشقاقات واقاموا ثلاثة مؤتمرات وكل مؤتمر انتخب رئيسا جديدا للحزب لا يعترف به الآخرون.

الشرطة تحاصر مقر الحزب لان كل جماعة من الجماعات الثلاثة تريد السيطرة على المبنى، وكل مجموعة من هذه الجماعات تتهم اجهزة الامن المصرية «بتخريب» عمل الحزب والتآمر عليه.

بقية الاحزاب المصرية تعيش ازمات متشابهة باختلاف بعض التفاصيل، فكل محاولات اقامة حزب للناصريين تصطدم بصراع زعامات، وبأزمة عدم الانفتاح على الناس، وبأزمة عمل النخبة الصغيرة التي لا تمتلك برنامجا يلبي مصالح ومطالب جمهور المصريين، والحال كذلك بالنسبة لحزب التجمع الذي شهد فترات صعود وانحسار على مدى السنوات الطويلة الماضية، والذي اصبح طموحه ايصال عدد محدود من النواب الى مجلس الشعب. وحتى حزب الوفد الذي يمتلك تاريخا طويلا وكان واحدا من الاحزاب المهمة التي لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية المصرية اصبح حزبا هامشيا صغيرا كحال بقية الاحزاب.

باستثناء الحزب الوطني الحاكم المدعوم بكل الاجهزة الرسمية، تبقى الحياة الحزبية المصرية مثلها مثل حال الاحزاب في معظم دول المشرق العربي تعاني من الشللية والتقوقع، وصراع الزعامات وغياب العلاقة المباشرة بجمهور الناس، ولذلك تظل الحياة السياسية العربية في معظم دول المشرق العربي تقوم على ارضية هشة، فكل حكومة لها حزبها الرسمي المدعوم من رأس الدولة ومن اجهزة الدولة المختلفة في ظل نظام الحزب الواحد، وتظل بقية الاحزاب جزءا من الديكور السياسي الذي يستخدم للترويج لوجود تعددية كاذبة لا علاقة لها بالواقع.

بعض الحكومات في دول الحزب الواحد تتحمل مسؤولية قيام احزاب ارتبطت مصالحها الخاصة بالحكومات، وقامت بين اعضائها وبين الدولة علاقة مصالح انتهازية، وهذه الحكومات لعبت دورا كبيرا في تهميش بقية الاحزاب، ولكن الحكومات لا تتحمل المسؤولية منفردة، فهناك دول تعيش حالة من الحرية النسبية ولكن تركيبة الاحزاب فيها وصراعات زعمائها وغياب الجدية في عملها، وانشقاقاتها المستمرة جعلها احزابا هامشية لا قيمة لها، وجعل الناس تنفض عنها، ولم تعد هذه الاحزاب تشكل رقما في المعادلات السياسية، فهي تملك اعترافا رسميا ومقرا ولوحة تحمل اسم الحزب ولكن الناس لا تتعاطى معها ولا هي تتعاطى مع الناس.