الزيارة التاريخية

TT

مع تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط، وصل أمس إلى لندن الرجل الذي قد يلعب دورا رئيسيا في صياغة مستقبل العراق وفي إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية، لإجراء محادثات على أعلى المستويات مع المسؤولين البريطانيين.

ومع وصول الرئيس بشار الأسد إلى لندن أمس سيكون أول رئيس سوري يقوم بزيارة رسمية لبريطانيا. وهذه الزيارة هي آخر مؤشر على قرار سورية الاستراتيجي لتعميق علاقاتها مع أبرز القوى الغربية.

وقبل هذه الزيارة صوَّتت سورية من موقعها كعضو متناوب في مجلس الأمن الدولي لصالح القرار 1441 الهادف لنزع أسلحة الدمار الشامل في العراق. وجاء تصويت سورية بالنيابة عن دول الجامعة العربية مما أعطى القرار الدولي بعدا أخلاقيا.

كذلك لعبت سورية دوراً بنّاءً بمنع وقوع التصعيد على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وكان ممكنا للوضع أن يتفاقم بشكل يصبح معه منفلتا عن أي تحكم. وكحليف قوي لإيران بإمكان سورية أن تلعب دورا مفيدا في تعزيز الحوار بين طهران والعواصم الأوروبية. كذلك فإن لسورية أهمية كبيرة في صياغة مستقبل العراق.

إضافة إلى ذلك، لا أحد يستطيع أن يقلل من نفوذ سورية في أحداث لبنان. وكان الاتحاد الأوروبي قد رتب في الفترة الأخيرة قرضا للبنان قيمته 4 مليارات دولار. وتعاون سورية مطلوب للتوثق من أن القرض سيُنفق لصالح إعادة الاعمار والتنمية في لبنان.

يأتي الرئيس الأسد إلى لندن ومعه رسالة إيجابية. ففي مقابلة أجرتها معه صحيفة «التايمز» اللندنية عشية توجهه إلى العاصمة البريطانية، أعاد الرئيس الأسد التأكيد على عزمه على جعل سورية طرفا فعالا في الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب على المستوى الدولي.

ويتوقع الرئيس السوري أن يجد ردا إيجابيا من القوى الغربية مقابل هذه المساعي. وهذا الرد قد يأتي بعدة أشكال، إذ بإمكان بريطانيا أن تضغط على واشنطن لرفع اسم سورية عن قائمة «البلدان الداعمة للإرهاب». ويستطيع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني أن يسعى للدفع باتجاه بدء مفاوضات بين سورية والاتحاد الأوروبي لكي تحصل سورية على دعم لخططها الهادفة إلى تحديث اقتصادها.

أخيرا وليس آخراً، تستطيع بريطانيا أن تلعب دورا مؤثرا في تسريع إحياء محادثات السلام الهادفة إلى تكوين دولة فلسطينية إلى جوار إسرائيل.

وخلال السنتين الأخيرتين طور الأسد ما يبدو أنه استراتيجية متكاملة للإصلاح، تبدأ أولا بتنفيذ سياسة طموحة لتحرير الاقتصاد من هيمنة الدولة ودفعه باتجاه ليبرالي.

وكانت محاججته تستند إلى أن أي إصلاحات سياسية كبيرة تنطلق من قاعدة اقتصادية ضعيفة ستؤول إلى وضع كارثي، لذلك فإن تقوية الاقتصاد السوري شرط أساسي لأي إصلاح مستقبلي للنظام السياسي.

وإذا كانت بريطانيا تلعب دورا قياديا في تعميق التعاون وتوسيعه بين أوروبا والعالم الإسلامي فإنها تمتلك أيضا موقعا مهما يسمح لها بمساعدة سورية في تحقيق إصلاح هادئ.