لا قيمة لجالية لا تدافع عن حقوقها

TT

«كير»، منظمة نشطة في مجال الدفاع عن قضايا المسلمين في اميركا، ورغم صغر عمرها دلت الطريق الدعائي الناجح، في بلد يكون العمل فيه سهلا إلا ان النجاح شاق جدا. لقد اكتشفت، ايضا، اهمية التواصل مع العرب في الخارج، مستفيدة من الاعلام العربي ووسائل البريد الالكتروني التي فتحت آفاقا لم تتح من قبل للمنظمات العربية والاسلامية العجوز.

نشاطاتها اكثر ذكاء في إثارة الموضوعات، خاصة في التقاط الجوانب الاعلامية المسيسة، بخلاف المنظمات التي انصرفت الى أداء نشاطات انتخابية او ميدانية سياسية اخرى. وكانت آخر مشاركاتها قضية رسم الكاريكاتير الذي يصور المسلمين مجانين قنابل ذرية، رسم فيه ما يرمز الى الرسول، عليه الصلاة والسلام، يقود شاحنة تحمل رأسا نوويا. و«كير» تعلم جيدا ان الصحافة الاميركية، مثل اخواتها الغربية، متحررة من الفروض الدينية والسياسية ودرجت على عدم إعطاء اعتبار للمحرمات الدينية، بما فيها المسيحية ودرجت عليه لكل الرموز الدينية. اما لماذا سبب لنا اشكالات كثيرة خلال السنوات الاخيرة تحديدا؟ السبب هو كثرة ما ينقل من هناك ويعرض هنا، حتى اصبح منتشرا على نطاق واسع في العالم الاسلامي الذي لم يألف مثل هذا الاسلوب.

ومع ان حرية التعبير، مهما كان موضوعها واسلوبها، محمية في صلب الدستور فان التعبير المضاد ايضا يُحترم داخل الساحة الاعلامية. وهذا يعني اهمية الردود والنقد المضاد والاحتجاج لكن لا قيمة لجالية من اكثر من ثلاثة ملايين لا تمارس حقوقها. ولاشك ان احد اهم اسباب هزائم العرب في اميركا عجزهم المستمر عن فهم طبيعة العمل في الساحة الاخرى. وخلال ثلاثة عقود، هي عمر العمل السياسي العربي في اميركا، ظل التأثير محدودا رغم كثرة المحاولات لكسر الجمود.

فالساحة مفتوحة لمن اراد ان يشارك ويعارض ويؤيد ومن له العزيمة للحركة. ولا قيمة للاعتداد بوجود ملايين البشر من فئات يمكن اعتبارها سياسيا موالية، ممن اصولهم عربية او هم مسلمون او مسلمون حديثا او متعاطفون من اقليات مماثلة، طالما انهم لا يهتمون ولا يتابعون ولا ينخرطون ولا يؤدون واجبات بسيطة لا تتطلب سوى القليل من المال والوقت. هؤلاء جميعا كنز سياسي في صندوق مغلق لم تتم ترجمته الى ورقة عمل سياسي. تخلفوا عن ممارسة حقهم الممنوح لهم في القانون عن بقية الاميركيين، مثل اليهود والايرلنديين واليونانيين وغيرهم من اصحاب القضايا.

المحاولات التي جرت في الماضي، عجزت عن النمو، وغلطتها، ربما، انها تطلعت اكثر مما ينبغي الى المساعدة والعناية الخارجية. وكأي نظام يحافظ على سيادته، فانه لا يحق للاجانب ان يدخلوا الساحة السياسية الاميركية او ينخرطوا في تمويل او ادارة هذه القواعد الشعبية، وهذا ما جعل العرب الاميركيين محصورين في دائرة القلة الناشطة، وتبين ان هذه القلة التي تعتمد عليها المنظمات العربية عاجزة عن التأثير، كما اثبتت احداث سبتمبر (ايلول) 2001 ان الضرر يعم، عندما وضعت السلطات الامنية الاميركية الكثيرين من هم عرب او مسلمون في دائرة الشك.

وعودة لأصل الموضوع، فان ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة مقلق من ناحية واحدة وهي عجز الفئة الممنوحة حقوقها عن ممارسة هذه الحقوق لا لشيء إلا لأنها عاجزة عن التحول الى الدفاع القانوني عن حقوقها.