الدعاء مُخ العبادة

TT

تستوقف المرء في الحج او العُمرة لبيت الله الحرام ظاهرة الدعاء الجماعي المسجوع، الذي يشغل الحجاج او المعتمرين الآخرين عن التركيز في الدعاء، خاصة في الطواف والسعي، نتيجة لما يحدثه بعضهم اثناء دعائهم الجماعي الحريص على السجع، بما فيه من لحن لغوي بيّن وخطأ فاحش يردد من دون وعي وتبصرة، من إزعاج غير مبرر.

طالما نحن بصدد التأكيد على ان توعية الحجاج والمعتمرين لبيت الله الحرام والزائرين للمسجد النبوي الشريف وارشادهم في بلادهم ومهاجرهم بمناسك الحج وشعائر العمرة تأتي قبل مطالبة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف بادخال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في الحرمين الشريفين للتيسير على الطائفين والساعين والمصلين في المسجد الحرام والمصلين في المسجد النبوي الشريف، فان معالجة ظاهرة الدعاء الجماعي الملتزم بالسجع، والسجع كما هو معلوم يُكره في الدعاء، تحتاج الى وقفة توعوية من العلماء والمشايخ، تفاديا لأي نقص وبعداً عن البدع والاهواء. فالحكمة من الدعاء ان نستجيب لقول الله تعالى «واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون». ولذا ينبغي للمؤمن ان يسأل الله تعالى تضرعا وخشوعا ان ينجيه من عذاب يوم اليم، وان يرتب سؤله لله حسب اولوياته وحاجته، فالمريض الاولى به ان يدعو الله سائلا الاستجابة لأن يشفيه ويسبغ عليه الصحة والعافية، والسليم يحمد الله على نعمة الصحة والعافية ويسأله دوام هذه النعمة عليه ويكون من الشاكرين. فكلنا يدعو الله مؤمنا بالاجابة، لأن الله وعدنا بذلك اذا استجبنا له وآمنا به، بل آمنا ايمانا لا يتزعزع ويقينا لا يتضعضع بأن الله هو المنجي وهو المستحق للشكر «قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن انجانا من هذه لنكونن من الشاكرين».

ان دعاءنا الله ينبغي ان يكون نابعا من العقل، مستوفيا لحاجتنا من الدعاء، ملتزما بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدعاء، فليس من المعقول ترديد ادعية مسجوعة من دون فهم صحيح لها. فلا غرو ان ارشدنا الرسول الكريم الى ان «الدعاء مُخ العبادة»، لذا ينبغي ان نحكم عقلنا حتى في ادعيتنا. ومن آيات الاعجاز العلمي للسنة النبوية المطهرة انها جعلت الدعاء بمثابة مركز العبادة، اذ ان الابحاث العلمية اكدت اخيرا ان هناك مناطق في الدماغ تتحكم حتى في العواطف من حب وكره، وسحبت البساط من القلب، الذي كان شائعا انه يتحكم في عواطفنا.

اخلص الى انه لا بد من التركيز في برامج التوعية بالنسبة للحجاج والمعتمرين على اهمية الدعاء والالتزام بآدابه، لان الدعاء مسألة يسألها العبد من خالقه خشية وتضرعا، صابرا وراجيا، حامدا وشاكرا. فلنتأدب في ادعيتنا بأدب الانبياء والرسل عليهم السلام، وليكن دعاؤنا ملتزما بأدب دعاء زكريا عليه السلام «هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء». من هنا ينبغي ان ندرك حقيقة ان الله سميع الدعاء، يجيب دعوة الداع اذا دعاه.

وليخصص الدعاة، خاصة ونحن على مشارف موسم الحج، جزءا من برامج التوعية لآداب الدعاء في بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، وليلتزم ضيوف الرحمن بهذه الآداب في ادعيتهم، وليعلموا انه يكره السجع في الدعاء.